فسلمت فرد علي السلام وهو جالس على فراشه وحده ، ما في الفسطاط غيره.
فلما صرت بين يديه ، سألني عن حالي فقلت له : إن رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث ، فافترعها فغلب الدم سائلا نحوا من عشرة ايام ، وإن القوابل اختلفن في ذلك ، فقال : بعضهن دم الحيض ، وقال بعضهن دم العذرة ، فما ينبغي لها أن تصنع؟ قال : فلتتق الله ، فان كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر ، وليمسك عنها بعلها ، وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوضأ ولتصل ، وليأتها بعلها إن أحب ذلك.
فقلت له : وكيف لهم أن يعلموا ما هو حتى يفعلوا ما ينبغي؟ قال : فالتفت يمينا وشمالا في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحد ، قال : ثم نهد إلي فقال : يا خلف سر الله سر الله ، فلا تذيعوه ، ولا تعلموا هذا الخلق اصول دين الله ، بل ارضوا لهم بما رضي الله لهم من ضلال ، قال : ثم عقد بيده اليسرى تسعين ثم قال تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها إخراجا رفيقا ، فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة ، وإن كان مستنقعا في القطنة ، فهو من الحيض.
قال خلف : فاستخفني الفرح فبكيت ، فقال : ما ابكاك؟ بعدما سكن بكائي فقلت : جعلت فداك من كان يحسن هذا غيرك ، قال : فرفع رأسه إلى السماء ، و قال : إني والله ما أخبرك إلا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله عن جبرئيل عن الله عزوجل (١).
تبيين : قال الجوهري : المعصرة الجارية أول ما ادركت وحاضت ، يقال قد اعصرت ، كأنها دخلت عصر شبابها أوبلغته ، ويقال : هي التي قاربت الحيض لان الاعصار في الجارية كالمراهقة في الغلام ، وفي النهاية المعصر الجارية أول ما تحيض لاعصار رحمها انتهى ، والاقتضاض إزالة البكارة.
قوله : « ويبصر ذلك » قال الشيخ البهائي رحمهالله أي له بصارة فيه ، والعذرة بالضم البكارة ، ويراد بالبياض الطهر ويقال : ضاق بالامر ذرعا اي ضعفت طاقته عنه ، وفي النهاية فيه إياكم والسمر بعد هدأة الرجل : الهدأة والهدء :
____________________
(١) المحاسن ص ٣٠٨٣٠٧.