ما يتقرب به العباد إلى ربهم فقال ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى أن العبد الصالح عيسى ابن مريم قال « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ » (١).
وسئل النبي صلىاللهعليهوآله عن أفضل الأعمال قال الصلاة لأول وقتها.
بيان : بعد المعرفة أي معرفة الله أو معرفة الإمام فإنها المتبادر منها في عرفهم عليهالسلام أو الأعم منهما ومن سائر المعارف الدينية والأول يستلزم الأخيرين غالبا ولذا يطلقونها في الأكثر والأخير هنا أظهر والعبارة تحتمل معنيين أحدهما أن المعرفة أفضل الأعمال وبعدها في المرتبة ليس شيء أفضل من الصلاة والحاصل أنها أفضل العبادات البدنية والثاني أن الأعمال التي يأتي بها العبد بعد تحصيل المعارف الخمس صلوات أفضل منها إذ لا فضل للعمل بدون المعرفة حتى يكون للصلاة أو تكون أفضل من غيرها مع أنه يقتضي أن يكون لغيرها فضل أيضا.
وقال الشيخ البهائي زاد الله في بهائه ما قصده عليهالسلام من أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال وإن لم يدل عليها منطوق الكلام إلا أن المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم وإن كان منطوقه نفي أفضليتهم عليه وهو لا يمنع المساواة.
هذا وفي جعله عليهالسلام قول عيسى على نبينا وآله وعليه السلام « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ » الآية مؤيدا لأفضلية الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الأعمال نوع خفاء ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه عليهالسلام ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه ثم إردافه ذلك بالأعمال البدنية والمالية وتصديره لها بالصلاة مقدما لها على الزكاة.
ولا يبعد أن يكون التأييد لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ويؤيده عدم إيراده عليهالسلام صدر الآية في صدر التأييد والآية هكذا « قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي
__________________
(١) مريم : ٣١.