والمحافظة عليها من قامت السوق إذا نفقت لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي يتوجه إليه أهل الرغبة ويتنافسون فيه وإذا عطلت وأضيعت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه أو التجلد والتشمر لأدائها وأن لا يكون في مؤديها فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر وقامت الحرب على ساق أو أداؤها فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت وبالركوع وبالسجود.
أقول ويظهر من بعض ما سبق من الأخبار أنه شبه الصلاة من بين أجزاء الإيمان بعمود الفسطاط فنسب إليها الإقامة لكونها من لوازمه وملائماته.
« طَرَفَيِ النَّهارِ » أي غدوة وعشية وانتصابه على الظرف لأنه مضاف إليه « وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ » أي وساعة منه قريبة من النهار فإنه من أزلفه إذا قربه وهو جمع زلفة فهو معطوف على طرفي النهار ويمكن عطفه على الصلاة أي أقم قربة أي ذا قربة في الليل والأول أظهر وقيل صلاة أحد الطرفين الفجر والآخر الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء وعن ابن عباس وغيره أن طرفي النهار وقت صلاة الفجر والمغرب والزلف وقت صلاة العشاء
__________________
ويستفاد من قوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاةَ » وجوب اقامة الظهر فيها ، فان من معاني الصلاة وسط الظهر وما انحدر من الوركين ، وذلك على مبنى تقدم أن الألفاظ المشتركة من حيث الصيغة أو المادة إذا اطلقت في القرآن العزيز ولم يكن في المقام قرينة تخصه بأحد المعنيين أو المعاني ، وجب حملها على كلها ولذلك قالوا عليهمالسلام : « لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة ».
وانما قلنا بجواز ذلك في القرآن الكريم مع عدم جوازه في كلام الآدميين ، لان الله العزيز الجبار لا يشغله شأن عن شأن ، وأما غيره تعالى من البشر فلا يمكنه حين الخطاب والتكلم أن يتوجه الا الى أحد معاني اللفظ ، طبعا ، اللهم الا أن يكون في مقام الكتابة أو يريد الالغاز والتورية ، فيمهد قبل ذلك لفظا مشتركا ويريد به كلا المعنيين أو يريد به خلاف ظاهره ، لكنه خارج عن مورد الخطاب وظاهر وضع الكلام ، فلا يحمل عليه مطردا.