فأما وجود المقدار الجسماني فظاهر ، وأما وجود السطح فلوجوب تناهي المقدار الجسماني ، وأما وجود الخط فبسبب (١) جواز قطع السطوح وافتراض الحدود لها. وأما الزاوية فقد ظن بها أنها كمية متصلة غير السطح والجسم ، فينبغي أن ينظر في أمرها ، فنقول : إن المقدار جسما كان أو سطحا فقد يعرض له أن يكون محاطا بين نهايات تلتقي عند نقطة واحدة ، فيكون من حيث هو بين هذه النهايات شيئا ذا زاوية من غير أن ينظر إلى حال نهاياته من جهة فكأنه مقدار أكثر من بعد ينتهي عند نقطة ، فإن شئت سميت نفس هذا المقدار من حيث هو كذلك زاوية ، وإن شئت سميت الكيفية التي له (٢) من حيث هو هكذا (٣) زاوية ، فيكون الأول كالمربع والثاني كالتربيع. فإن أوقعت الاسم على المعنى الأول قلت : زاوية مساوية وناقصة وزائدة لنفسها ، لأن جوهرها مقدار ، وإن أوقعت على المعنى الثاني قلت ذلك لها بسبب المقدار الذي هي (٤) فيه كما للتربيع ، ولأن (٥) هذا الذي هو الزاوية بالمعنى الأول يمكن أن يفرض فيه إما أبعاد ثلاثة أو بعدان ، فهو مقدار جسم أو سطح.
والذي يظنه من يقول : إنه إنما يكون سطحا إذا (٦) تحرك الخط الفاعل إياه في الوهم بكلتي نقطتيه حتى أحدثه ، حتى كان قد يحرك الطول عرضا بالحقيقة فحدث عرض بعد الطول فكان طول وعرض ، بل لم يتحرك الخط (٧) المحدث للزاوية لا في الطول وحده كما هو ولا في العرض حتى يحدث سطح ، وإنما تحرك بأحد رأسيه فحدثت الزاوية. فجعل الزاوية جنسا رابعا من المقادير.
__________________
(١) قيسبب : يسبب د
(٢) له : ساقطة من د
(٣) هكذا : كذا ب ، ج ، ص
(٤) هى : هو ج ، ص ، ط
(٥) ولأن : فلأن ج ، ص ، م
(٦) إذا : لو ب ؛ إن لو د ؛ أو م
(٧) الخط : ساقطة من ط.