والذي يقال : إن شيئا واحدا بالعدد يكون صورة لمواد كثيرة لا بأن يؤثر فيها ، بل بأن يكون هو بعينه منطبعا (١) في تلك المادة وفي أخرى وأخرى ، فهو محال يعلم (٢) بأدنى تأمل. وقد أشرنا إلى الحال في ذلك عند كلامنا في النفس ، وسنخرج من بعد إلى خوض في إبانة ذلك.
فإذن (٣) تلك الأشياء إنما تحصل في العقول البشرية معاني ماهياتها (٤) لا ذواتها ، ويكون حكمها حكم (٥) سائر المعقولات من الجواهر إلا في شيء واحد وهو أن تلك تحتاج إلى تفسيرات حتى يتجرد منها معنى يعقل (٦) ، وهذا لا يحتاج إلى شيء غير أن يوجد المعنى كما هو فتنطبع به (٧) النفس.
فهذا (٨) الذي قلناه إنما هو نقض حجة المحتج ، وليس فيه إثبات ما تذهب إليه ، فنقول : إن هذه المعقولات سنبين من أمرها بعد ، أن ما كان (٩) من الصور الطبيعية والتعليميات (١٠) فليس يجوز أن يقوم (١١) مفارقا بذاته ، بل يجب أن يكون في عقل أو نفس (١٢). وما كان من أشياء مفارقة ، فنفس وجود تلك المفارقات مباينة لنا ، ليس هو علمنا لها (١٣) ، بل يجب أن نتأثر (١٤) عنها فيكون ما يتأثر عنها (١٥) هو علمنا بها ، وكذلك إن (١٦) كانت صورا مفارقة وتعليميات (١٧) مفارقة فإنما يكون (١٨) علمنا بها ما يحصل لنا منها ، ولا تكون (١٩) أنفسها (٢٠) توجد لنا منتقلة (٢١) إلينا ، فقد بينا
__________________
(١) هو بعينه منطبعا : هى بعينها منطبعة ج ، د ، ص ، ط ؛ بعينه منطبعا م
(٢) يعلم : نعلمها ط
(٣) فإذن : فإن د ؛ فإذن تكون ط
(٤) ماهياتها : ماهيتها ج ، د ، ط ؛ مهاياتها طا
(٥) حكم : كحكم ج ، م. (٦) يعقل : معقول ط
(٧) به : بها ب ، ج ، د ، ص ، م
(٨) فهذا : وهذا ج ، د ، ص ، ط ، م
(٩) ما كان : كانت د. (١٠) والتعليميات : والتعليميات ب ، بخ ، ط ، طا
(١١) يقوم : يكون م. (١٢) أو نفس : أو فى نفس د
(١٣) لها : بها ص ، طا. (١٤) تتأثر : فغاير د
(١٥) فيكون ما يتأتر عنها : ساقطة من ج ، ص ، ط
(١٦) إن : لو د ، ص ، م. (١٧) وتعليميات : وتعليمات ب ، بخ ، د ، ط ، طا
(١٨) يكون : كان ج ، ط. (١٩) ولا تكون : ولم تكن ج ، د ، ص ، ط ، م ؛ لا تكون طا
(٢٠) أنفسها : أنفسنا ج ، ط
(٢١) منتقلة : منقلبة م.