أخص هي مسائل في العلم الأعلى ، مثل مبادئ الطب في الطبيعي ، والمساحي في الهندسة ، فيعرض إذن (١) في هذا العلم أن يتضح فيه مبادئ العلوم الجزئية التي تبحث عن أحوال الجزئيات (٢) الموجودة (٣). فهذا العلم يبحث عن أحوال الموجود ، والأمور التي هي له كالأقسام والأنواع ، حتى يبلغ إلى تخصيص يحدث معه موضوع العلم الطبيعي فيسلمه إليه ، وتخصيص يحدث معه موضوع الرياضي فيسلمه إليه ، وكذلك في غير ذلك. وما قبل ذلك التخصيص كالمبدإ (٤) ، فنبحث عنه ونقرر حاله. فتكون إذن مسائل هذا العلم في أسباب الموجود المعلول بما هو موجود معلول ، وبعضها في عوارض الموجود ، وبعضها في مبادئ العلوم الجزئية.
فهذا هو العلم المطلوب في هذه الصناعة وهو الفلسفة الأولى ، لأنه العلم بأول الأمور في الوجود ، وهو (٥) العلة الأولى وأول الأمور في العموم ، وهو الوجود والوحدة. وهو أيضا الحكمة التي هي أفضل علم بأفضل معلوم ، فإنها أفضل (٦) علم أي اليقين ، بأفضل المعلوم أي بالله تعالى وبالأسباب (٧) من بعده. وهو أيضا معرفة الأسباب القصوى للكل. وهو أيضا المعرفة بالله (٨) ، وله حد العلم الإلهي الذي هو أنه علم بالأمور المفارقة (٩) للمادة في الحد والوجود. إذ الموجود بما هو موجود ومبادئه وعوارضه ليس شيء منها ، كما اتضح ، إلا متقدم الوجود (١٠) على المادة وغير متعلق الوجود بوجودها. وإن بحث في هذا العلم عما لا يتقدم المادة ، فإنما يبحث فيه عن معنى. ذلك المعنى غير محتاج الوجود إلى المادة ، بل الأمور المبحوث عنها فيه هي على (١١) أقسام أربعة : فبعضها بريئة عن المادة وعلائق
__________________
(١) إذن : ساقطة من ب ، ص ، م
(٢) الجزئيات : جزئيات ص ، م
(٣) الموجودة : الموجود ص ، م
(٤) كالمبدإ : وكالمبدإ ب ، م ؛ فكالمبدإ ط
(٥) الوجود وهو : الموجود وهو ط
(٦) علم ... أفضل : ساقطة من م
(٧) وبالأسباب : والأسباب م
(٨) بالله : + تعالى ج
(٩) المفارقة : والمفارقة ط
(١٠) متقدم الوجود : متقدما ص ، م
(١١) على : ساقطة من ج ، ص ، ط ، م.