فالفصل ليس يحتاج في انفصاله عن النوع إلى فصل آخر ، وليس يحتاج (١) في انفصاله عن الأشياء المشاركة له في الوجود وسائر اللوازم (٢) إلى معنى غير نفس ماهيته ، وليس يجب أن يقع لا محالة تحت ما هو أعم منه وقوع النوع تحت الجنس ، بل قد يقع وقوع الملزوم الأخص تحت اللازم الذي (٣) لا يدخل (٤) في الماهية.
وأما إذا أخذت الفصل كالنطق مثلا ، فإنما يجب أمثاله في فصول الأشياء المركبة. فإن عنيت بالنطق كونه ذا نفس ناطقة كان من المعاني المؤلفة من نسبة وجوهر ، على ما علمت من حكمه في مواضع أخرى. وإن عنيت نفس النفس الناطقة (٥) كانت (٦) جوهرا وكانت جزء جوهر مركب تخالفه بالفصل الواقع بين البسيط والمركب في الجواهر ، على نحو ما تحققت كثيرا (٧).
ولنرجع (٨) الآن إلى المقدمات (٩) التي في الشك (١٠) ، فنقول : أما المقدمة القائلة إن الفصل لأنه معنى من المعاني فإما أن يكون أعم المحمولات ، وإما أن يكون معنى واقعا تحت أعم المحمولات ، فمسلمة. وأما الأخرى وهي القائلة إن كل ما هو أعم المحمولات فهو مقولة كذب ، وإنما المقولة أعم المحمولات الجنسية المقومة للماهية لا التي هي أعم المحمولات ، وليس تقوم (١١) ماهية (١٢) كل ما (١٣) تحتها ، بل تلزم الأشياء. والقائلة الأخرى إن كل ما هو واقع تحت معنى أعم منه (١٤) فهو منفصل عما يشاركه فيه بفصل يختص به ، كاذبة. لأن المشاركات إذا كانت مشاركة في اللازم دون المعنى (١٥) الداخل في الماهية ، لم يكن الانفصال عنها بفصل بل بمجرد الماهية.
__________________
(١) وليس يحتاج : وليس محتاجا ج
(٢) اللوازم : اللازم ط
(٣) الذي : ساقطة من د
(٤) لا يدخل : لا يدخله ط
(٥) الناطقة : ساقطة من ب ، د ، م
(٦) كانت : كان د ، م
(٧) كثيرا : ساقطة من ب ، د ، م
(٨) ولنرجع : فلنرجع د
(٩) المقدمات : المتقدمات د
(١٠) الشك : الشكل ط. (١١) تقوم : مقوم ج ؛ بمقوم ص ، ط
(١٢) ماهية : ماهيته ج ، ص ، ط. (١٣) ما : + هو ج
(١٤) منه : ساقطة من ب. (١٥) المعنى : معنى ج.