يكون هذا الذي هو حيوان هو الجسم ذو النفس الدراكة. ثم كون نفسه دراكة أمر مبهم ، ولا يكون بالفعل في الوجود مبهما البتة كما علمت ، بل يكون فيه محصلا ، وإنما (١) يكون هذا الإبهام في الذهن ، إذ يكون مشكلا عليه حقيقة النفس الدراكة حتى يفصل ، فيقال دراكة بالحس والتخيل والنطق.
وإذا (٢) أخذ الحس في حد الحيوان فليس هو بالحقيقة الفصل ، بل هو دليل على الفصل. فإن فصل الحيوان أنه ذو نفس دراكة متحركة بالإرادة وليس هوية نفس الحيوان أن يحس ، ولا هويته أن يتخيل ، ولا هويته (٣) أن يتحرك بالإرادة ، بل هو مبدأ لجميع ذلك ، وهذه كلها قواه ، ليس أن ينسب إلى بعضها أولى من أن ينسب إلى الآخر ، لكنه (٤) ليس له في نفسه اسم ، وهذه توابعه ، فنضطر إلى أن نخترع له اسما بالنسبة إليها. ولهذا نجمع الحس والتحرك معا في حده ، ونجعل الحس كأنه معنى يجمع (٥) الحس الظاهر (٦) والباطن (٧) ، أو يقتصر (٨) على الحس فيكون دالا على جميع ذلك لا بالتضمن بل بالالتزام.
وقد سلف لك بيان هذا وما أشبهه ، فليس الحس بالحقيقة فصل الحيوان ، بل أحد (٩) شعب فصله وأحد (١٠) لوازمه. وإنما فصله وجود النفس التي هي مبدأ هذا كله له ، وكذلك الناطق للإنسان. لكن عدم الأسماء وقلة شعورنا (١١) بالفصول يضطرنا ـ إما هذا وإما ذاك ـ إلى الانحراف عن حقيقة الفصل إلى لازمه. فربما اشتققنا اسمه من لازمه ، فعنينا بالحساس (١٢) الذي له المبدأ الذي ينبعث منه (١٣)
__________________
(١) وإنما : فإنما ط
(٢) وإذا : إذا ط
(٣) أن يتخيل ولا هويته : ساقطة من م
(٤) لكنه : + شىء ط
(٥) يجمع : لجميع ط
(٦) الظاهر : + والحس ط
(٧) والباطن : الباطن ط
(٨) أو يقتصر : أو يقتصر ص
(٩) أحد : واحد د. (١٠) وأحد : واحد من د
(١١) شعورنا : + فى الأسماء د
(١٢) بالحساس : بالحاس ب
(١٣) منه : عنه ب ، د ، ص.