لا علة له بالحقيقة ، بل العلة له من حيث (١) للماهية (٢) وجود ، فالأمر بعكس ما (٣) يظنون بل العلة للوجود فقط ، فإن اتفق أن سبقه عدم كان حادثا ، وإن لم يتفق كان غير حادث.
والفاعل (٤) ، الذي تسميه العامة فاعلا ، فليس هو بالحقيقة علة من حيث يجعلونه فاعلا ، فإنهم (٥) يجعلونه (٦) فاعلا من حيث يجب أن يعتبر فيه أنه لم يكن فاعلا ، فلا يكون فاعلا (٧) من حيث هو علة ، بل من حيث هو علة وأمر (٨) لازم معه ، فإنه يكون فاعلا من حيث اعتبار ما له (٩) فيه أثر مقرونا باعتبار ما ليس له فيه أثر ، كأنه إذا اعتبرت (١٠) العلة من حيث ما يستفاد (١١) منها مقارنا لما لا يستفاد منها سمي فاعلا. فلذلك (١٢) كل شيء يسمونه فاعلا يكون من شرطه أن يكون بالضرورة قد كان مرة غير فاعل ، ثم أراد أو قسر ، أو عرض حال (١٣) من الأحوال لم يكن ، فلما قارنه ذلك المقارن كان ذاته مع ذلك المقارن علة بالفعل ، وقد كان خلا عن ذلك ، فيكون فاعلا عندهم من حيث هو علة بالفعل بعد كونه علة بالقوة ، لا من حيث هو علة بالفعل فقط.
فيكون كل ما يسمونه فاعلا يلزم أن يكون أيضا ما يسمونه منفعلا ، فإنهم لا يخلونه عن مقارنة ما يقارنه من حال حادثة لأجلها ما صدر عنه وجوده (١٤) بعد ما لم يكن. فإذا (١٥) ظهر أن وجود الماهية يتعلق بالغير من حيث هو وجود لتلك الماهية لا من حيث هو بعد ما لم يكن ، فذلك الوجود من هذه الجهة معلول ما دام (١٦) موجودا. كذلك كان معلولا متعلقا بالغير ، فقد بان أن المعلول يحتاج إلى مفيده الوجود لنفس الوجود بالذات ، لكن الحدوث وما سوى ذلك أمور تعرض له ، وأن المعلول يحتاج إلى مفيده الوجود دائما سرمدا ما دام موجودا.
__________________
(١) حيث : + أن د
(٢) للماهية : الماهية م : لماهيته ب ، ح ، ط
(٣) بعكس ما : بالعكس مما ط : بعكس مما ص. (٤) والفاعل : وفاعل ب ، ح ، هـ : فالفاعل د
(٥) فإنهم : فلأنهم ح. (٦) يجعلونه : يجعلون ح. (٧) فلا يكون فاعلا : ساقط من ب ، ح ، ص
(٨) أمر : ساقط من د. (٩) له : ساقطة من ص
(١٠) اعتبرت : اعتبر ب ، ح ، د ، ص ، م
(١١) يستفاد : استفاد ح. (١٢) فلذلك : فكذلك د
(١٣) أو عرض حال : أو عارض أو حال ب. (١٤) وجوده : وجود ب ، ح ، د ، ط ، م
(١٥) فإذا : فأن د ، م : فإذ ب ، ح : فإذن ص
(١٦) ما دام : وما دام ب.