خيرية الوجود. والوجود الذي لا يقارنه عدم ـ لا عدم جوهر ، ولا عدم شيء للجوهر ، بل هو دائما بالفعل ـ فهو خير محض ، والممكن الوجود بذاته ليس خيرا محضا ، لأن ذاته بذاته لا يجب له الوجود بذاته ، فذاته (١) تحتمل العدم ، وما احتمل (٢) العدم بوجه ما فليس من جميع جهاته بريئا من الشر والنقص ، فإذن ليس الخير المحض إلا الواجب الوجود بذاته.
وقد يقال أيضا : خير ، لما كان مفيدا لكمالات الأشياء وخيراتها ، وقد بان أن (٣) واجب (٤) الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا لكل وجود (٥) ، ولكل كمال وجود ، فهو من هذه الجهة خير أيضا (٦) لا يدخله نقص ولا شر ، وكل واجب الوجود فهو حق ، لأن حقية (٧) كل شيء خصوصية وجوده الذي يثبت له ، فلا أحق إذن من واجب الوجود.
وقد (٨) يقال : حق ، أيضا ، لما يكون الاعتقاد بوجوده (٩) صادقا ، فلا أحق بهذه الحقيقة مما يكون الاعتقاد بوجوده (١٠) صادقا ، ومع صدقه دائما ، ومع دوامه لذاته لا لغيره ، وسائر الأشياء فإن ماهياتها كما علمت (١١) لا تستحق الوجود ، بل هي في أنفسها وقطع إضافتها إلى واجب الوجود تستحق العدم ، فلذلك كلها في أنفسها باطلة ، وبه حقة ، وبالقياس إلى الوجه الذي يليه حاصلة ، فلذلك كل شيء هالك إلا وجهه ، فهو أحق بأن يكون حقا.
وواجب الوجود عقل محض ، لأنه ذات مفارقة للمادة من كل وجه ، وقد عرفت أن السبب في أن لا يعقل الشيء هو المادة وعلائقها لا وجوده. وأما الوجود الصوري فهو الوجود العقلي وهو الوجود الذي إذا تقرر (١٢) في شيء صار للشيء به عقل ، والذي يحتمل نيله هو (١٣) عقل بالقوة ، والذي ناله (١٤) بعد (١٥) القوة هو عقل بالفعل على سبيل الاستكمال ، والذي
__________________
(١) بذاته فذاته : فذاته بذاته م ؛ بذاته فذاته بذاته ب ، ح ، د ، ص. (٢) وما احتمل : وما لا يحتمل ط. (٣) أن : ساقطة من د. (٥) وخيراتها ... لكل وجود : ساقطة من م. (٤) واجب : الواجب ح ، د ، ص ، ط. (٦) خير أيضا : أيضا خير ح ، ص ؛ أيضا خير محض د. (٧) حقيقة : حقيقة ب ، ح ، ط ، م. (٨) وقد : ساقطة من ط. (٩) بوجوده : لوجوده ب ، د ، م. (١٠) بوجوده : لوجوده ب ، م ؛ لوجود د. (١١) علمت : علمته د. (١٢) تقرر : تقدر د. (١٣) هو : وهو د. (١٤) ناله : + العقل ح ، ص ، ط ، م ؛ + العقل بالقوة د. (١٥) بعد : ساقطة من م.