فهو في جزء آخر بالقوة ، فقد عرض لجوهر الفلك ما بالقوة من جهة وضعه أو أينه ، والتشبه (١) بالخير الأقصى يوجب البقاء على أكمل كمال يكون للشيء دائما ، ولم يكن هذا ممكنا للجوهر (٢) السماوي بالعدد ، فحفظ (٣) بالنوع والتعاقب ، فصارت الحركة حافظة لما يمكن من هذا الكمال ، ومبدؤها الشوق إلى التشبه (٤) بالخير الأقصى في البقاء على الكمال الأكمل بحسب الممكن ، ومبدأ هذا الشوق هو ما يعقل منه ، وأنت إذا تأملت حال الأجسام الطبيعية في شوقها الطبيعي إلى أن يكون (٥) بالفعل أينا لم تتعجب أن يكون جسم يشتاق شوقا إلى أن يكون على وضع من أوضاعه التي يمكن أن تكون له ، أو إلى أن يكون (٦) على أكمل ما يكون (٧) له من كونه متحركا ، وخصوصا ويتبع ذلك من الأحوال والمقادير الفائضة (٨) ما يتشبه فيه (٩) بالأول تعالى (١٠) من حيث هو مفيد للخيرات (١١) ، لا أن (١٢) يكون المقصود تلك الأشياء فتكون الحركة لأجل تلك الأشياء ، بل أن (١٣) يكون المقصود هو (١٤) التشبه بالأول تعالى (١٥) ـ بقدر (١٦) الإمكان ـ في أن يكون على أكمل ما يكون في نفسه ، وفيما يتبعه من حيث هو تشبه بالأول ، لا من حيث هو يصدر عنه أمور بعده حتى تكون (١٧) الحركة لأجل ذلك بالمقصود الأول ، كلا (١٨).
وأقول : إن نفس الشوق إلى التشبه بالأول من حيث هو بالفعل تصدر عنه الحركة الفلكية صدور الشيء عن التصور الموجب له ، وإن كان غير مقصود في ذاته بالقصد الأول ، لأن ذلك تصور (١٩) لما بالفعل فيحدث (٢٠) عنه طلب لما بالفعل الأكمل ، ولا يمكن (٢١) بالشخص فيكون بالتعاقب وهو الحركة ، لأن الشخص الواحد إذا دام لم يحصل لأمثاله وجود ، وبقيت دائما بالقوة.
__________________
(١) والتشبه : والتشبيه ح. (٢) للجوهر : للجرم ب ، ح ، ص ، م. (٣) فحفظ : فحفظه ح ، د ، ص ، ط ، م. (٤) التشبه : التشبيه ح. (٥) يكون : + يتال ح ، ص ، ط. (٦) أو إلى أن يكون : وكذلك ح ، ص. (٧) أكمل ما يكون : أكمل ما ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٨) الفائضة : ساقطة من م ؛ + بقدر إمكان ح ، ص ، ط. (٩) فيه : به ح. (١٠) تعالى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (١١) للخيرات : الخيرات ط. (١٢) أن : ساقطة من م. (١٣) أن : بأن ح. (١٤) هو : وهو د. (١٥) تعالى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (١٦) بقدر : بمقدار د ؛ مقدار م. (١٧) حتى تكون : فتكون ب ، د ، ط ، م. (١٨) كلا : ساقطة من م. (١٩) تصور : التصور ب. (٢٠) فيحدث ... بالفعل : ساقطة من د. (٢١) ولا يمكن : ويمكن م.