لا يتميز مثلا كالأبيض واللاأبيض يكون (١) مدلولهما واحدا ، فيكون كل شيء هو لا أبيض فهو أبيض ، وكل شيء هو أبيض (٢) فهو (٣) لا أبيض ، فالإنسان (٤) إذا كان له (٥) مفهوم متميز فإن كان أبيض فهو أيضا لا أبيض (٦) الذي هو والأبيض واحد ، واللاإنسان كذلك ، فيعرض مرة أخرى أن يكون الإنسان واللاإنسان غير متميزين.
فهذا وأمثاله قد يزيح علة المتحير المسترشد في أن يعرف أن الإيجاب والسلب لا يجتمعان ، ولا يصدقان معا. وكذلك أيضا قد تبين (٧) له أنهما لا يرتفعان ولا يكذبان معا ، فإنه إذا كذبا معا في شيء ، كان ذلك الشيء ليس بإنسان مثلا ، وليس أيضا بلا إنسان. فيكون قد اجتمع الشيء الذي هو اللاإنسان وسالبه (٨) الذي هو لا لا إنسان ، وقد نبه على بطلانه. فهذه الأشياء وما يشبهها مما لا يحتاج أن نطول فيه ، وبحل الشبه (٩) المتقابلة من قياسات المتحير يمكننا أن نهديه.
وأما المتعنت فينبغي أن يكلف شروع النار ، إذ النار واللانار واحد ، وأن يؤلم ضربا ، إذ الوجع واللاوجع واحد ، وأن يمنع الطعام والشراب ، إذ الأكل والشرب وتركهما واحد.
فهذا المبدأ الذي ذببنا عنه من يكذبه ، هو أول مبادئ البراهين ، وعلى الفيلسوف الأول أن يذب عنه. ومبادئ البراهين تنفع في البراهين. والبراهين تنفع في معرفة الأغراض الذاتية لموضوعاتها. لكن معرفة جوهر الموضوعات
__________________
(١) يكون : فيكون ص
(٢) فهو أبيض ، وكل شىء هو أبيض : ساقطة من د
(٣) فهو : هو ج
(٤) فالإنسان : والانسان ب ، م
(٥) له : ساقطة من د
(٦) لا أبيض : اللاأبيض ط ،
(٧) قد تبين : قد يتبين د ؛ ساقطة من ط
(٨) وسالبه : وسالبته م
(٩) وبحل الشبه : ومحل الشبهه ج ، ص ، ط.