ثم إن المخاطب بذلك المكلف به المؤمنون العاقلون ، إلى أن يذهب عقلهم ، فيجب عليهم مايأمنون معه من فعل الصلاة حال السكر.
والحاصل أن المراد نهيهم عن أن يكونوا في وقت الاشتغال بالصلاة سكارى ، بأن لايشربوا في وقت يؤدي إلى تلبسهم بالصلاة حال سكرهم ، وليس الخطاب متوجها إليهم حال سكرهم إذ السكران غير متأهل لهذا الخطاب.
أو يكون جنبا إلا أن يكونوا مسافرين غير واجدين للماء فانه يجوز لهم دخول الصلاة بالتيمم مع أنه لايرتفع به حدثهم ، فقد دخلوا في الصلاة مع الجنابة.
وثانيهما أن المراد بالصلاة هنا مواضعها تسمية للمحل باسم الحال ، أو على حذف المضاف ، والمعنى لاتقربوا المساجد في حالتين إحداهما حالة السكر ، فان الاغلب أن الذي يأتي المسجد إنما يأتيه للصلاة ، وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان بها على وجهها ، والحالة الثانية حالة الجنابة إلا اجتيازا كما مر تفصيله.
وقيل وجه ثالث وهو أن يكون الصلاة في قوله سبحانه : « لاتقربوا الصلوة » على معناها الحقيقي ويراد بها عند قوله تعالى : « ولاجنبا » مواضعها على طريقة الاستخدام ، وعلى التقادير يدل على المنع من إيقاع مايوجب كون الصلاة حالة السكر وإن كان في الاول والثالث أظهر ، فيشمل على من لم يشرب إذا علم أن بعد الشرب تقع صلاته مع السكر ، أو شرب وعلم أنه إذا دخل في الصلاة يقع بعضها على السكر.
وأما سكر النوم فان بلغ إلى حد لايعقل شيئا أصلا ويبطل سمعه فدخوله في الصلاة مع تلك الحالة يكون حراما ، ولو علم أنه لا يعقل عقلا كاملا ، ولا يكون قلبه حاضرا متنبها لما يقول ويأتي به كما هو ظاهر الاخبار فالنهي على التنزيه ولو قيل بالتعميم كان محمولا على المنع المطلق أعم من التحريم والتنزيه ، كما هو مقتضى الجمع بين الاخبار ، ولو كان في أول الوقت نومان ، وإذا دخل في الصلاة لايكون له حضور القلب فيها ، وإذا نام ليذهب عنه تلك الحالة يخرج وقت الفضيلة فأيهما أفضل؟ الترجيح بينهما لايخلو من إشكال ، واختار بعض المتأخرين ترجيح