ومعنى الآية أن الصحيح يصلي قائما ، والمريض يصلي قاعدا ، ومن لم يقدر أن يصلي قاعدا صلى مضطجعا ، ويومي إيماء فهذه رخصة جاءت بعد العزيمة (١).
بيان : المشهور بين الاصحاب أنه مع العجز عن الاستقلال في القيام يعتمد على شئ ، فمع العجز عن القيام مطلقا حتى مع الانحناء والاتكاء يصلي قاعدا ، ونقلوا على تلك الاحكام الاجماع ، لكن اختلفوا في حد العجز المسوغ للقعود فالمشهور أنه العجز عن القيام أصلا وهو مستند إلى علمه بنفسه ونقل عن المفيد أن حده أن لايتمكن من المشي بمقدار الصلاة ، لما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص (٢) المروزي قال : قال الفقيه عليهالسلام : المريض إنما يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي لايقدر فيها أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما.
والخبر يحتمل وجهين : أحدهما أن من يقدر على المشي بقدر الصلاة يقدر على الصلاة قائما ، وثانيهما أن من قدر على المشي مصليا ولم يقدر على القيام مستقرا فالصلاة ماشيا أفضل من الصلاة جالسا ، ولو حمل على الاول بناء على الغالب لاينافي المشهور كثيرا.
ثم إنهم اختلفوا فيما إذا قدر على الصلاة مستقرا متكئا وعليها ماشيا فالاكثر رجحوا الاستقرار ، ونقل عن العلامة ترجيح المشي ، وكذا اختلفوا فيما إذا قدر على المشي فقط ، هل هو مقدم على الجلوس أم الجلوس مقدم عليه؟ فذهب الشهيد وجماعة إلى الثاني ، والشهيد الثاني إلى الاول بحمل الرواية على المعنى الثاني مؤيدا له بأن مع المشي يفوت وصف القيام ومع الجلوس أصله ، ولايخفى مافيه ، إذا لاستقرار واجب برأسه يجتمع هو وضده مع القيام والقعود معا.
والمسألة في غاية الاشكال ، ولايبعد أن يكون الصلاة جالسا أوفق لفحوى الاخبار كما لايخفى على المتأهل فيها ، والخبر المتقدم له محملان متعادلان يشكل الاستدلال به على أحدهما.
____________________
(١) تفسير النعماني المطبوع في البحار ج ٩٣ ص ٢٨.
(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٠٥.