..........
____________________
وأما معنى الصلاة ، فقد كانت عند بنى اسرائيل معهودة بهيئتها وأركانها واشتمالها على ذكر الله عزوجل بالتوجه والدعاء والتضرع اليه والانابة له ، من لدن أن قال ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام : « رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ربنا وتقبل دعاء » ،
فمن المسلم أن موسى بن عمران عليهالسلام ـ قبل أن يوحى اليه هذا الوحى ـ كان يصلى لله عزوجل ويعبده على الوجه المقرر في شريعة ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وخاصة بعد ما بلغ أشده وآتاه الله الحكم والعلم ، ولذلك لم يتكفل الوحى لبيان معنى الصلاة له وشرح أذكارها وأركانها ، وانما بين له عليهالسلام ما كان يهمه ويخصه من وقت الصلاة مدى اشتغاله بابلاغ الرسالة إلى فرعون وملائه فوقت له اقامة الصلاة كلما تنبه لذكر الله عزوجل ولا يكون ذلك الا بعد ذهول وغفلة ونسيان كعند قيامه من النوم أو الفراغ من المشاغل التى ينسى ويمحو ذكر الله عزوجل عن القلب.
وهذا الذى وصى الله عزوجل به موسى بن عمران ، يجب علينا العمل به في ظرفه بعد ملاحظة شرع نبينا المطهر ، لقوله عزوجل : « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذى أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه » الشورى : ١٢.
فبحكم الاية الكريمة شرع الله عزوجل لنا ما أوحى إلى نبينا المكرم من أوقات الصلوات الخمسة كما أن شرع لنا من أحكام الدين ما وصى به الانبياء الاربعة اولى العزم خصوصا فشرف تلك الامة المرحومة بالشرافة التى كان خص بها اولى العزم من الرسل ليشملهم بذلك رحمته ورضوانه.
فمن ذلك الصلاة والزكاة كما قال الله عزوجل حاكيا عن عيسى بن مريم عليهماالسلام « وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا » مريم : ٣١ ، ومن ذلك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر بتبليغ أمر الله عزوجل ونشر دينه وعدم التفرق فيه كما عرفت من قوله تعالى : « أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه » الاية. ومن ذلك اقامة الصلاة حين تذكرها بعد النسيان والذهول عنها في أوقاتها المعلومة في شرعنا ، لقوله عزوجل لموسى (ع)