وروى أن عمرو بن عبيد جاء إلى أبي عمرو بن العلا ، فقال : يا أبا عمر أيخلف الله ما وعد؟ قال : لا ، قال أين أنت عمن أوعده الله على عمله عقابا أيخلف الله ما أوعده فيه؟ فقال أبوعمرو : من العجمة اتيت يا أبا عثمان ، إن الوعد غير الوعيد إن العرب لاتعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله ، ترى ذلك كرما وفضلا ، وإنما الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله ، قال فأوجدنى هذا في كلام العرب! فأنشده البيت المتقدم.
وعن الصادق عليهالسلام : يامن إذا وعد وفا ، وإذا توعد عفا.
وأما استجابته للداعين بأسمائه ، فهو عطف على ما تقدم ، وأنه تعالى وفى لهم بالاجابة لما دعوه فقال : « ادعوني أستجب لكم » (١) وقال سبحانه : « وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان » (٢).
إن قلت : إنا نرى كثيرا لايجاب دعاؤهم؟ قلت : ذكر الطبرسي في مجمعه أن الدعاء وقع لا على وجه الحكمة ، إذ شرطه عدم المفسدة ، إن قيل ما فيه حكمة إن الله يفعله فلا حاجة إلى الدعاء ، قلنا الدعاء في نفسه عبادة يتعبد الله بها ، لما فيها من إظهار الخضوع والافتقار إليه تعالى ، ويجوز كون المطلوب مصلحة عند الدعاء لا قبله.
وفي كتاب الدرر والغرر أن المراد بقوله : « أجيب دعوة الداعي » أي أسمعها و لذا يقال للرجل : دعوت من لا يجيب ، أي من لا يسمع ، وقد يكون أيضا يسمع بمعنى يجيب كما كان يجيب بمعنى يسمع يقال : سمع الله لمن حمده أي أجاب الله من حمده.
أقول : وذكر في ذلك فصلا طويلا (٣) نورده إنشاء الله تعالى في كتاب الدعاء.
____________________
(١) غافر : ٦٠.
(٢) البقرة : ١٨٦.
(٣) راجع الغرر ج ١ ص ٣٠٦.