في مصره بما رأى ، وإنّ لأهل هذا البلد ـ يعني مكة حيث إجتمعا بها ـ قولاً ، ولأهل المدينة قولاً ، ولأهل العراق قولاً قد تعدّوا فيه طورهم ـ وهذا نحو تحريض عليهم حنقاً منه على أبي حنيفة وأصحابه.
فقال المنصور : أمّا أهل العراق فلست أقبل منهم صرفاً ولا عدلاً ، وإنّما العلم علم أهل المدينة ، فضع للناس العلم.
وقال مالك : إنّ أهل العراق لا يرضون علينا ، فقال المنصور : نضرب عامتهم بالسيف ، ونقطع ظهورهم بالسياط ... ) (١).
وبعد هذا المحاورة التي جرت بين الدوانيقي الحاكم بأمره وبين مالك المراوغ بعلمه ودينه ، وقد تم الإتفاق ، وكُتب الموطأ ، وهو أوّل تدوين رسمي أقرّته السلطة وباركت صاحبه ، ولست بصدد تقويمه إلاّ من ناحية فرض منهجيته فيما ينبغي أن يكتبه مالك كما أراده المنصور ( ... وتجنّب شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود ... ).
وبعملية حسابية إحصائية عاجلة لروايات ( الموطأ ) برواية ابن زياد عن مالك ( القطعة المطبوعة بتونس بتحقيق الشيخ محمد النيفر الشاذلي ) نجد روايات ابن عمر ( ٢٣ ) ، وعن ابن عباس (٧) ، وليس عن ابن مسعود شي!
أمّا ( الموطأ ) برواية يحيى بن يحيى الليثي التي اعتمدها ابن عبد البر في كتابيه ( التمهيد ، والإستذكار ) ، وقد اعتمدناها أيضاً ، وراجعنا
____________________
(١) ترتيب المدارك / ٣٠ ـ ٣٣.