فالتفت عمرو إلى المنصور ، فقال : مَن هذا الفتى؟ قال : هذا محمد ابني ، وهو المهدي وليّ عهدي.
قال : أما والله لقد ألبسته لباساً ما هو من لباس الأبرار ، ولقد سمّيته باسم ما أستحقه عملاً ، ولقد مهّدت له أمراً أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه.
ثم التفت عمرو إلى المهدي ، فقال : نعم يا بن أخي إذا حلف أبوك أحنثه عمك لأنّ أباك أقوى على الكفارات من عمك.
فقال له المنصور : ( هل لك من حاجة يا أبا عثمان ).
قال : لا تبعث إليَّ حتى آتيك.
قال : إذاً لا نلتقي.
قال : هي حاجتي ، ومضى فأتبعه المنصور بطرفه ، فقال :
كلّكم يمشي رويد |
|
كلّكم يطلب صيد |
غير عمرو بن عبيد (١)
فكان عمرو بن عُبيد نموذجاً فاضلاً ورعاً ، فهل يعقل منه أو مَن هو مثله أن يتزلّف إلى المنصور بتفخيم وتضخيم مرويات ابن عباس لأنّه كان جدّ المنصور؟!
والآن إلى نموذج ثالث يختلف عن النموذجين الأولين مذهباً ومشرباً ، فهو شيعي وهما سنيّان ، وهذا هو الأعمش محدّث الكوفة.
____________________
(١) مروج الذهب ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٧ رقم ٢٤١٨ تحقيق شارل بلا منشورات الشريف الرضي / بقم.