العباسي وبين شريك بن عبد الله القاضي ردّ فيها شريك على المهدي بأروع بيان وأقوى حجة وثبات جنان ، فلنقرأ منها ما له دخل في المقام : ( ... دخل شريك على المهدي ، فقال : ما ينبغي أن تقلّد الحكم بين المسلمين ، قال : ولم؟ قال : خلافك على الجماعة ، وقولك بالإمامة.
قال : أمّا قولك بخلافك على الجماعة ، فعن الجماعة أخذت ديني فكيف أخالفهم؟ وهم أصلي في ديني ، وأمّا قولك : وقولك بالإمامة ، فما أعرف إلاّ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمّا قولك : مثلك لا يقلّد الحكم بين المسلمين ، فهذا شيء أنتم فعلتموه ، فإن كان خطأ فاستغفروا الله منه ، وإن كان صواباً فأمسكوا عليه.
قال : ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟ قال : ما قال فيه جدّك العباس وعبد الله؟ قال : وما قالا فيه؟ قال : فأمّا العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة ، وقد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل ، وما احتاج هو إلى أحد حتى لحق بالله. وأمّا عبد الله فإنّه كان يضرب بين يديه بسيفين ، وكان في حروبه رأساً متّبعاً ، وقائداً مطاعاً ، فلو كانت إمامته على جور ، كان أوّل من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين الله ، وفقهه في أحكام الله.
فسكت المهدي وأطرق ، ولم يمض بعد هذا المجلس إلاّ قليل حتى عزل شريك ) (١).
وروي وكيع في ( أخبار القضاة ) : ( قال : حدثني محمد بن حمزة
____________________
(١) تاريخ بغداد ٩ / ٢٩٢.