وجماعته خالفوا العقل والنقل بادّعائهم أنّ أفعال العباد كلّها مخلوقة من الله تعالى ! مستدلّين على هذا الرّأي بقوله تعالى على لسان إبراهيم عليهالسلام : ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ، مع أنّ مقصود إبراهيم عليهالسلام واضح ، فهو يقصد ما تعملون من تماثيل وأصنام.
والقول بالجبر هو بالضبط ما تقوله التوراة أنظر مثلا إلى هذا النص فيها : « أنا الربّ وليس آخر مصدر النور وخالق الظلمة ، صانع السلام وخالق الشرّ أنا الربّ صانع كلّ هذا » (٢) أو مثلا : « مِنَ الربِّ خُطوات الرّجل » (٣).
وإنّ هناك أحاديث عن أكابر الصحابة يسألون فيها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقول لهم ـ بزعم الواضعين ـ إنّ الأقلام جفّت وكلٌّ صائر إلى ما هو مكتوب ومقدّر له (٤).
وعليه نقول : رحم الله أبا جهل وأبا لهب وفرعون وهامان وكلّ مجرم في الدنيا ، حيث كانوا جميعا منفّذين لمشيئة الله تعالى على أحسن وجه !
ونقول أيضا : يا نوح ويا إبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد ( سلام الله عليهم أجمعين ) ويا أيّها الصدّيقون والشهداء والصالحون لا فضل لكم
_____________________
١) سورة الصافّات : ٩٥ ، ٩٦.
٢) سفر أشعياء ٤٥ / ٧.
٣) الأمثال ٢١ / ٢٤.
٤) أنظر : صحيح البخاري ٦ / ٢١١ ، ٦ / ١٢١ ، موّطأ مالك : كتاب القدر ص ٦٠١ ، سنن أبي داود ٤ / ٢٣٢ ، العقيدة الطحاوية : ٤٤ ، وجاء فيها : « وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه وكلٌّ ميسّر لما خُلق له ... ».