قال صديقي ـ وهو يستفزني ويجرّني إلى موضوع جديد ـ : « ماذا تقول في أبي طالب ؟!
قلت : إنّه عم رسول الله وكفيله وناصره بقلبه ولسانه ويده ، حتّى أنه رفض تسليم ابن أخيه إلى طغاة مكّة الذين يقول فيهم الله لِفَرعنتهم : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا ) (١) ، كذلك سمّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العام الذي مات فيه عمّه أبو طالب وزوجته خديجة أم المؤمنين بعام الحزن ، لما كانا يمثلانه من دعامة وحصن للدعوة الجديدة وصاحبها ، لكن مع الأسف مات أبو طالب مشركا ! ولهذا يروي شيوخنا أنّه ـ كرامة من الله لحمايته ابن أخيه ـ في ضحضاح من نار ، وتحت رجليه جمرتان يغلي منهما دماغه.
ابتسم صديقي ابتسامة عريضة ، وقال لي : ألا تحتمل أنّ أبا طالب كان مؤمناً يخفي إيمانه ؟!
قلت : من ناحية الإحتمال لا يمتنع هذا الأمر.
قال صديقي : إنّ كل الشواهد والقرائن تثبت بلا أدنى شك أنّ أبا طالب كان مؤمنا ، بل من السبّاقين إلى الإسلام والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قلت ـ والعجب يطبع ملامحي ـ : كيف ذلك ؟! فهذا مخالف لما
_____________________
١) سورة المزمل : ١٥.