وصلنا في دراستنا للتاريخ إلى الحقبة الإسلامية ، حيث بدأنا بظهور الإسلام في مكّة ثمّ هجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبه إلى يثرب أو المدينة المنوّرة مرورا بحروب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفتوحاته ، وصولا إلى انتشار الإسلام في جزيرة العرب ومن ثَمّ شرقا وغربا طيلة فترة الخلافة الراشدة.
كان يوماً عاديّا حيث كنت جالسا في آخر الفصل ، في حصّة مسائية للتاريخ وبدأ الدّرس ، كان أستاذ التاريخ كهلا في العقد الخامس من العمر ، كان رجلا نحيفا ضعيف النظر معتنقا للفكر القومي الذي لا يرى الإسلام إلاّ منتوجا عربيّا محضا ، فالإسلام عربي وابن سينا عربي والرازي عربي وسيبويه عربي ، بل حتّى البربر عرب وكلّ شيء عربي !
والعجب من هذا الفكر الذي يحصر هذه
الثقافة الإنسانية الخالدة والشاملة في بوتقة عرقية ضيّقة وما هي إلاّ حلقة من حلقات هذه الحضارة النبيلة ! هذا الفكر يذكّرني بطرفة واقعية حدثت لرجل عربي حيث استفزّه بعض الأعاجم وسخروا منه فقال مغضبا : نعم أنا عربي والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
عربي ... والله عربي ، فدهش الحضور ، وقالوا له : أمّا كون الرسول عربي فقد تعقّلناها وأقررنا لك بها ، لكن كيف يكون الله ـ تعالى ـ عربيّا ؟! فأجاب هذا الرجل ببداهة قائلا : آثاره تدلّ عليه ، أليس القرآن