من تأليف الله ؟! فعليه يكون الله عربيّا !!
بدأ أستاذ التاريخ بالدرس وكان عن الفتنة الكبرى كما تسمّى ، تكلّم الأستاذ عن حرب صفّين ، عن بداياتها ، أسبابها ، طولها ، شراستها ، عدد القتلى فيها ، وتكلّم عن بشائر النصر التي كانت بدأت تلوح لجيش عليّ بن أبي طالب ( كرّم الله وجهه ) ، وتحوّل القتال إلى خيام معاوية بن أبي سفيان ، والمأزق الذي وقع فيه جيش الشام. رفع الأستاذ رأسه وابتسامات التهكّم تملأ فمه المليء بالأسنان الصفراء قائلا : « لكن قام الداهية عمرو بن العاص بحيلة رفع المصاحف حتّى يكفّ عنهم جيش عليّ ويبثّوا البلبلة في صفوف جيش العراق. وفعلاً ذاك ما حدث حيث انقلب حال المعركة رأساً على عقب وافترقت الأمة أحزابا ... ».
نزل هذا الكلام عليّ نزول الصّاعقة !! عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحتال ويخادع ويغدر ويمكر ! عمرو بن العاص الذي يروى فيه شيوخنا مدح الرسول فيه.
عمرو بن العاص يخدع ؟! هل الغاية تبرّر الوسيلة في دين الله المبتني على الإخلاص ؟!
يا له من موقف عصيب ، أين الحقيقة ؟! هل ما يقوله هذا الأستاذ المتحامل على الصّحابة الكرام ، أم ما يقوله شيوخنا الموقّرين عن فضائل عمرو بن العاص ؟!
لكن الأستاذ ما جاء بشيء من عنده ، فهذا الكتاب يقول نفس الشيء ، وماذا عن تلك الجلسات التي كنت مواظبا على حضورها والتي كانت تفيض نبلا من كرامات الصحابة وخاصّة المهاجرين والأنصار ؟!