رجعت ذلك اليوم إلى البيت متأزّما وممزّقا نفسانيّا ، ولسان حالي يقول : « لَيْتَ شِعري مَا الصحيح » ، إلى من أذهب ؟! من أسأل ؟!
بقيتُ متحيّراً حتّى عاد أخي في المساء فسارعتُ بمساءلته لعلّي أجد جواباً شافياً أو على الأقل مسكّناً لثورة الشكّ وناره التي اضطرمت في داخلي.
بادرت أخي قائلا : ألا تعجب من فعل هؤلاء الصحابة الذين نحترمهم ونقدسهم حبّاً منّا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!
قال أخي : خيراً ، ما رأيتَ منهم ؟!
قلتُ معترضاً على أخي : ومن أين يأتي الخير وهؤلاء الصحابة يقتل بعضهم بعضاً ، ويشتم بعضهم بعضاً ، ويخدع بعضهم بعضاً !!
ثم ما هي القضيّة أصلا ؟! لماذا القتال ولماذا الخداع ؟! أكان ذلك للدّين ؟
أليسوا هم أصل الدين ؟ أليسوا هم من علّمنا الدين ؟ أم كان ذلك كلّه للدنيا ، وما هكذا الظنّ بهم ، وعلى الدنيا والدين العفى لو كان ذلك كذلك ».
أجاب أخي بلغة المحذّر المشفق : لا تستعجل في حكمك عليهم فهناك أمور نجهلها وليس من اليسير فهمها.
كان جواب أخي بارداً باهتاً ، غير مقنع بالمرّة ، وكأنّه كان يضرب على حديد بارد ، وأنّى له أن يقنعني ! أنا الذي عشت كلّ صباي وقْفاً على فضائل الصحابة ، حيث كنت أرفعهم جميعاً على منزلة الملائكة !
ما الذي جعل الصحابة يدخلون هذه الفتنة العمياء ؟ ويا ليت علماءنا أشاروا علينا بمن أشعلها وأجّج أُوارها !