بعدها : ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) (١) ، فالآية الأولى تحكي عمّا عليه الفائزون من نضارة الوجه وجماله ، والثانية ما عليه الهالكون من بسارة وجه وخوف ، وأصحاب الوجوه الناضرة ينتظرون رحمة الله في حين أصحاب الوجوه الباسرة يظنون ( بمعنى اليقين ) أنهم مأخوذون لا محالة ولا ينتظرون أن تلحقهم رحمة من الله.
ثمّ أليس الله تعالى يقول : ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) (٢) ، ويقول : ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ) (٣) ، ويقول : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) (٤) ، فهذا يكذّب قول القائلين بأنّ الله تعالى فوق سماواته على عرشه جالس.
ثمّ أسألك فأقول لك : على فرض أنّ الله سَيُرى في الآخرة ، فكيف تراه ؟! من فوق ؟ فقد خلى منه التحت ، أم من الأمام ؟ فقد خلى منه الخلف ، أم عن اليمين ؟ فقد خلى منه الشمال وهكذا.
ثم اعلم أنّ كل جسم له أبعاد ثلاثة : طول وعمق وعرض ، وإذا كان الله كذلك لزم أن يكون مركّبا وهذا كفر.
وواصل صديقي قائلاً : والله ، لا أدري على ماذا أحسد الوهّابيّة ومن يقول بمثل قولهم ، على علمهم بالجغرافيا ، أم علمهم بالفيزياء ، أم علمهم بكتاب الله الذي ينطق بلسان عربي مبين ! إنّهم يرمون كلّ ذلك
_____________________
١) سورة القيامة : ٢٤ ـ ٢٥.
٢) آية الكرسي ـ سورة البقرة ـ : ٢٥٥.
٣) سورة الزخرف : ٨٤.
٤) سورة الحديد : ٤.