ومرّة أخرى نقف على آية أخرى أعجب وهي قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) (١) ، أو قوله : ( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) (٢) فإذا سلّمنا بأنّ لله يداً أو عيناً أو جارحة ( كما يليق بجلاله تعالى ) ـ على رأى الوهّابيين ـ لكانت كلّها فانية ، زائلة حسب الآية التي تذكر هلاك كلّ ذلك ما عدى الوجه.
قلت متعجّبا : وهل هناك من المسلمين من يعتقد بأنّ الهلاك يوم القيامة يطال حتّى الله تعالى ؟!
قال صديقي : على افتراض أنّنا سلّمنا بأنّ الله تعالى مركّب من أجزاء ـ سبحانه وتعالى ـ فلماذا يَطَاله هلاك وصاعقة القيامة بعضا من الله ؟! ومعنى هذا إنّ الله إمّا أنّه يفجّر صاعقة لا يستطيع السيطرة عليها حتّى تطاله كما طالت مخلوقاته ، أو أنّ القيامة حدث خارج عن قدرة الله بحيث تأتي على « الربّ والمربوب » ؟!
قلتُ مغضباً : والله لا أعتقد أنّ جدّتي رحمها الله على بساطة فكرها تؤمن بهكذا عقيدة فيمن خضع له كلُّ شيء ، سُبحانه وتعالى عمّا يقول السّفهاء.
عقب صديقي وقد علت نبرة صوته وظهرت علامات الحزم على جبينه قائلاً : يا ليت ; ثمّ يا ليت ; وقف الأمر عند هذا الحدّ ! لقلنا : اشتبه على إخواننا الأمر والتزموا بظاهر الكتاب ، لكنّهم في كثير من الأمور ضربوا بصريح الآيات عرض الجدار.
قلت له : هات لي مثالا على ما قالوا.
_____________________
١) سورة القصص : ٨٨.
٢) سورة الرحمن : ٢٧.