الفصل الرابع
في ما يتعلّق بالصّحابة عامّة
إنّ كلّ الأحكام التشريعية والعقائد الإسلامية جاءتنا عن طريق الصحابة ، فليس هناك أحد يدّعي أنّه يعبدُ الله من خلال الكتاب والسنّة إلاّ وكان الصحابة هم الواسطة لإيصال هذين المصدرين الأساسيّين إلى كلّ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وبما أنّ الصّحابة اختلفوا بعد الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتفرّقوا ، وتسابّوا وتلاعنوا ، وتقاتلوا حتّى قتل بعضهم بعضاً (١) ، فلا يمكن والحال هذه أن نأخُذَ عنهم الأحكام بدون نقاش ولا نقد ولا تمحيص ولا اعتراض ، كما لا يمكن أن نحكم لهم أو عليهم بدون معرفة أحوالهم وقراءة تاريخهم ، وما فعلوه في حياة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد وفاته ، ونمحّص المُحقّ من المُبطل ، والمؤمن من الفاسق ، والمخلص من المنافق ، ونعرف المنقلبين من الشّاكرين.
وأهل السنّة عامّة ، وبكلّ أسف لا يسمحون بذلك ، ويمنعون بكلّ شدّة
____________
(١) بل تعدّى الأمر إلى أكثر من ذلك ولم يقف عنده ، فقد كفّر بعضهم البعض ، وهذا ما أقرّ به ابن تيمية الحراني إذ قال في مجموعة فتاويه الكبرى ٤ : ٢٦٧ : « .. وأمّا علي فأبغضه وسبّه أو كفّره الخوارج وكثير من بني أُمية وشيعتهم الّذين قاتلوه وسبّوه ... وأمّا شيعة علي الّذين شايعوه بعد التحكيم وشيعة معاوية التي شايعته بعد التحكيم فكان بينهما من التقابل وتلاعن بعضهم وتكافر بعضهم ما كان .. ».