١٢ ـ م : قال الامام عليهالسلام : قوله تعالى : « ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا » (١) بما يوردونه عليكم من الشبه « حسدا من عند أنفسهم » بكم بأن أكرمكم بمحمد وعلي وآلهما الطيبين « من بعد ما تبين لهم الحق » بالمعجزات الدالات على صدق محمد وفضل علي وآلهما « فاعفوا واصفحوا » عن جهلهم ، وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها باطلهم « حتى يأتي الله بأمره » بالقتل يوم فتح مكة فحينئذ تجلونهم عن بلد مكة ، وعن جزيرة العرب ، ولا يقرون بها كافرا « إن الله على كل شئ قدير » ولقدرته على الاشياء قدر ما هو أصلح لكم من تعبده إياكم من مداراتهم ومقابلتهم بالجدال التي هي أحسن.
قال عليهالسلام : وذلك أن المسلمين لما اصابهم يوم أحد من المحن ما اصابهم أتى قوم من اليهود بعده بأيام عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ، فقالوا لهما : ألم تريا ما اصابكم يوم أحد؟ إنما يحرب كأحد طلاب الدنيا حربه سجالا تارة له ، وتارة عليه ، فارجعوا عن دينه فأما حذيفة فقال : لعنكم الله لا أقاعدكم ، ولا أسمع مقالتكم ، أخاف على نفسي وديني فأفر بها منكم ، وقام عنهم يسعى ، وأما عمار بن ياسر فلم يقم عنهم ولكن قال لهم : معاشر اليهود إن محمدا صلىاللهعليهوآله وعد أصحابه الظفر يوم بدر ، إن يصبروا ، فصبروا وظفروا ، ووعدهم الظفر يوم أحد ايضا إن صبروا ، ففشلوا وخالفوا ، فلذلك أصابهم ما اصابهم ، ولو أنهم أطاعوا فصبروا ولم يخالفوا غلبوا.
قالت له اليهود : يا عمار وإذا اطعت أنت غلب محمد سادات قريش مع دقة ساقيك ، فقال : نعم والله الذي لا إله إلا هو باعثه بالحق نبيا ، لقد وعدني محمد من الفضل والحكمة ماعرفنيه من نبوته ، وفهمنيه من فضل أخيه ووصيه وخير من يخلفه بعده ، والتسليم لذريته الطيبين ، وأمرني بالدعاء بهم في شدائدي ومهماتي ، ووعدني أنه لا يأمرني بشئ فاعتقدت فيه طاعته إلا بلغته حتى لو أمرني بحط السماء إلى الارض أو رفع الارضين إلى السماوات ، لقوى عليه ربي
__________________
(١) البقرة : ١٠٩.