ومن ذلك دعاء الصادق عليهالسلام لما استدعاه المنصور مرة سابعة وقد قدمنا في الاحراز عن الصادق عليهالسلام لكن فيه ههنا زيادة عما ذكرنا ، ولعل هذه الزيادة كانت قبل استدعائه لسعاية القرشى ، وهذه برواية محمد بن عبدالله الاسكندرى وهو دعاء جليل ، مضمون الاجابة ، نقلناه من كتاب قالبه نصف الثمن يشتمل على عدة كتب أولها كتاب التنبيه لمن يتفكر فيه ، وهذا الدعاء في آخره ، فقال ماهذا لفظه :
روى محمد بن عبدالله الاسكندري أنه قال : كنت من جملة ندماء امير المؤمنين المنصور ابي جعفر وخواصه ، وكنت صاحب سره من بين الجميع ، فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا. فقلت : ما هذه الفكرة يا امير المؤمنين؟ فقال لي : يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة أو يزيدون وقد بقي سيدهم وإمامهم فقلت له : من ذلك؟ قال : جعفر بن محمد الصادق ، فقلت له : يا أمير المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة ، واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة ، فقال : يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبامامته ، ولكن الملك عقيم ، وقد آليت على نفسي أن لا أمسي عشيتي هذه أو افرغ منه.
قال محمد : والله لقد ضاقت علي الارض برحبها ، ثم دعا سيافا وقال له : إذا أنا أحضرت ابا عبدالله الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن راسي فهو العلامة بينى وبينك ، فاضرب عنقه.
ثم أحضر أبا عبدالله عليه الصلاة والسلام في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار فرأيت ابا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين ، مكشوف الرأس ، قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه ، يحمر ساعة ويصفر أخرى ، وأخذ بعضد ابي عبدالله الصادق عليهالسلام وأجلسه على سرير ملكه ، وجثابين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه.
ثم قال له : يا ابن رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ قال : جئتك