ـ « فهل هذا كُلّه ، يمكنه أن يعلن وبكُلّ صراحة أو بجرأة عن نفي القول باتفاق أتباع المذاهب الأربعة وعدم خلافهم فيما بينهم؟ ».
ـ « إذا نظرنا إلى الحوادث المؤلمة التي حصل فيها التشاجر والتطاحن بين معتنقي المذاهب الأربعة فإن ذلك يبعث في نفوسنا الألم ، مما وصلت إليه الحال السيئة بين جماعات الأُمّة الواحدة. ويدلنا ذلك بكُلّ وضوح على إبطال مَن يدّعي لهم الاتفاق وعدم الخلاف. وهو بذلك يستدل على أحقية مذاهبهم ، وصدق معتقداتهم. كما ذهب إليه صاحب كتاب التبصير وغيره ، ممن يطلقون الأقوال بدون تدبر ، ويحكمون بدون تثبّت ».
ـ « هل يمكنك أن تخبرني عن بعض الوقائع التي تمت بصلة إلى مثل هذه المصائب المحزنة؟ ».
ـ « ماذا أقول ، بل ماذا أحكي لك؟ ليت شعري أخفيت تلك الحوادث التي وقعت بين الحنفية والحنابلة ، وبين الحنابلة والشافعية ، يوم قام خطباء الحنفية يلعنون الحنابلة والشوافع على المنابر ، والحنابلة يحرقون مسجداً للشافعية بمرو! بينما تقع هناك فتنة ذهب تحت هياجها خلق كثير. ويعظم الأمر والخلاف بين الحنفية والشافعية في نيسابور ، وتقع فتنة مبعثها التعصب المذهبي ، فتحرق الأسواق والمدارس ، ويكثر القتل في الشافعية ، فينتصرون بعد ذلك على الحنفية ، ويسرفون في أخذ الثأر منهم ، وذلك في سنة ٥٥٤ للهجرة. ومثلها تقع بين الشافعية والحنابلة ، وتضطر السلطة إلى التدخل في حسم النزاع وبالقوة ، وذلك في سنة ٧١٦ للهجرة حتّى كثر القتل ، وحرق المساكن والأسواق في أصبهان ، وكان منشؤه التعصب .. ».
كنت أستمع إليه ، وأنا أشعر بأنّ شيئاً ما في داخلي يضطرب .. ولقد آن له