عن خلق السماوات والأرض (١) والليل والنهار ، وذلك قول الله تعالى : ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها. رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها. وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ) [ ٧٩ / ٢٧ ـ ٣٠ ] ثم قال : وهذا غير واف بحل الإشكال ، والتحقيق أن يقال : الظاهر من معنى الدَّحْوِ كونه أمرا زائدا على الخلق ، وفي كلام أهل اللغة والتفسير : أنه البسط والتمهيد للسكنى ، وتحقيق الأيام والشهور بالمعنى الذي ذكر في الإيراد إنما يتوقف على خلق الأرض لا دَحْوِهَا ، والتقدير بالستة أيام إنما هو في الخلق أيضا ، فلا ينافي تأخر الدَّحْوِ بما يتحقق معه الأشهر.
وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) : « لَمَّا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّيَاحَ الْأَرْبَعَ فَضَرَبْنَ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى صَارَ مَوْجاً ، ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً ، فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ ثُمَ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) (٢). فأول بقعة خلقت من الأرض.
وفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ » ، وَرُوِيَ « الْمَدْحِيَّاتِ » (٣).
و « الْمَدْحُوَّاتِ » الأرضون ، من « دحا يدح و » ، و « المدحيات » من « دحى يدحي ».
و « الأداحي » جمع « أدحي » أفعول من الدَّحْوِ وهو الموضع الذي تفرخ فيه النعامة.
و « الدَّحْو » الرمي بقهر ، ومنه الْحَدِيثُ : « أَخَذَهُ ثُمَّ دَحَا بِهِ ».
__________________
(١) سيأتي في « بعد » حديث عن ابن عباس يدل على أن دحو الأرض كان قبل خلق السماء.
(٢) البرهان ج ١ ص ٢٩٨ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ١٥٦.
(٣) النهاية ج ٢ ص ١٦.