القول ، وكأن المعنى : إذا كان بينهم محاجة في القرآن طفقوا يدافعون بالآيات ، وذلك كأن يسند أحدهم كلامه إلى آية ، ثم يأتي صاحبه بآية أخرى مدافعا له ، يزعم أن الذي أتى به نقيض ما استدل به صاحبه ، ولهذا شبه لهم بحال من قبلهم ، فَقَالَ : « ضَرَبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَلَمْ يُمَيِّزُوا الْمُحْكَمَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ » .. الحديث.
وفِي حَدِيثِ الْخُلْعِ : « إِذَا كَانَ الدَّرْءُ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا ». يريد الخلاف والنشوز.
ودَرَأْتُهُ « ـ من باب نفع ـ : دفعته.
و « دَارَأْتُهُ » دافعته.
و « دَرَيْتُهُ دَرْياً » من باب رمى ، ودِرْيَةً و « دِرَايَةً » علمته.
ويعدى بالهمز ، فيقال : « أَدْرَيْتُهُ ».
و « دَارَيْتُهُ مُدَارَاةً » ـ بدون همزة ، وقد يهمز ـ : لاطفته ولاينته.
ومنه الْحَدِيثُ : « أُمِرْتُ بِمُدَارَاةِ النَّاسِ » (١). ومثله الْخَبَرُ : « رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ » (٢). أي ملاءمة الناس وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ينفروا.
ويقال : « دَارَأْتُهُ » ـ بهمز وبدونها ـ : اتقيته ولاينته.
وفِي حَدِيثِ غَسْلِ الْيَدِ عِنْدَ الْوُضُوءِ بَعْدَ النَّوْمِ : « فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ » (٣). قيل في توجيهه : كان أكثرهم يومئذ يستنجي بالأحجار فيقتصر عليها ، لإعواز الماء وقلته بأرض الحجاز ، فإذا نام عرق منه محل الاستنجاء ، وكان عندهم إذا أتى المضجع حل إزاره ونام معروريا ، فربما أصاب يده ذلك الموضع ولم يشعر به ، فأمرهم أن لا يغمسوها في الإناء حتى يغسلوها ، لاحتمال ورودها على النجاسة ،
__________________
(١) تحف العقول ص ٤٨ ، وفي مشكاة الأنوار ص ١٦١ : « أمرني ربي بمداراة الناس ».
(٢) تحف العقول ص ٤٢.
(٣) من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٣١.