سدِّ حاجة المجتمع ، وتلبية شؤونه الدينيَّة ، بعد أبيهما علي (عَليهِ السَّلامُ) ، ولا يُعقل أن يُراد أنَّهما (عَليهِما السَّلامُ) منه بمعنى القرابة المألوفة ، والإمتداد النسبي ، لأنَّ هذا الأمر واضح ، وجلي ، ولا يضيف حقيقة جديدة ، لا سيَّما إذا ما لاحظنا أنَّ هذا التعبير ورد بعينه ولفظه بحقِّ الإمام علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) ، وقد حفَّ ذلك بقرائن تفيد بأن النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يريد من كلمة : (منِّي) النيابة عنه في تبليغ أحكام الإسلام.
يقول العلّامة المحقق (مرتضي العسكري) بشأن هذه الطائفة من الأحاديث :
|
(إنَّ قول رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) : (منِّي) في هذه الروايات بحقِّ الحسنين ، نظير قوله بحق ِّأبيهما الإمام علي ، أراد في جميعهما أنَّهم منه في مقام تبليغ أحكام الإسلام) ١. |
ولنعد إلى ما ذكره من قرائن بخصوص إطلاق هذه اللفظة على علي (عَليهِ السَّلامُ) حيث يقول :
|
(إن لفظ : (منِّي) في حديث : (أنتَ منِّي بمنزلة هارون من موسى) يوضِّح المراد من هذا اللفظ في أحاديث الرسول (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) الأخرى ، وذلك أنَّ هارون لما كان شريك موسى في النبوة ، ووزيره في التبليغ ، وكان علي من خاتم الأنبياء بمنزلة هارون من موسى باستثناء النبوة ، يبقى لعلي الوزارة في التبليغ. وكذلك بيَّن الرسول (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) المراد من لفظ : (منِّي) في حديثه يوم عرفات في حجة الوداع حيث قال : (علي منِّي ، وأنا من علي ، لا يؤدِّي عنِّي إلّا أنا أو علي) ٢. |
______________________
(١) العسكري ، مرتضى ، معالم المدرستين ، ج : ١ ، ص : ٥٢٥.
(٢) العسكري ، مرتضى
، معالم المدرستين ، ج : ١ ، ص : ٥١٤ ، قائلاً : أخرجه ابن ماجة في كتاب المقدمة ،
باب : فضائل الصحابة ، ص : ٩٢ ، من الجزء الأول من سننه ، والترمذي ، كتاب المناقب ، ١٣
/ ١٦٩ ، وهو