ومن الغريب أن يجد المتتبع أنَّ (عائشة) بنفسها تقرّ في حديث آخر بعد واقعة (الجمل) أنَّ رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) قد قبض وإلى جواره علي (عَليهِ السَّلامُ) ، خلافاً لما ادعته في أحاديثها السابقة التي نفت فيها الوصية لعلي (عَليهِ السَّلامُ).
فقد روى (ابن عساكر) ما يلي :
|
(إنَّ إمرأة سألت عائشة ، فقالت : ـ يا أمَّ المؤمنين ! أخبرينا عن علي ، قالت : ـ أيّ شيء تسألن ، عن رجل وضع يده من رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) موضعاً فسالت نفسه في يده ، فمسح بها وجهه ، واختلفوا في دفنه ، فقال : أنَّ أحبَّ البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه ، قالت : ـ فلم خرجتِ عليه ؟ قالت : ـ أمرٌ قُضي ، لوددت أن أفديه بما في الأرض) ١. |
وفي حديث آخر أنَّها قالت :
|
(قال رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) وهو في بيتها لما حضره الموت : ـ ادعوا لي حبيبي.. فدعوا علياً فأتاه ، فلمّا رآه أفرد الثوب الذي كان عليه ، ثمَّ أدخله فيه ، فلم يزل يحتضنه ، حتى قبض عليه) ٢. |
وأمّا (معاوية بن أبي سفيان) فقد مارس
سياسة الكتمان إلى أقصى حدٍّ ممكن ، ومارس مختلف أساليب البطش والتنكيل من جانب ، والحثّ والإغراء من جانب
______________________
(١) ابن عساكر ، ترجمة الإمام علي (عَليهِ السَّلامُ) ، ٣ / ١٥.
(٢) ابن عساكر ، ترجمة الإمام علي (عَليهِ السَّلامُ) ، ٣ / ١٥.