القواسم المشتركة لحديث (الخلفاء الإثني عشر) في مصادر (مدرسة الخلفاء)
يمكن أن ننتزع من خلال الهياكل والصياغات اللفظية المختلفة التي وردت في الروايات المتقدمة في الفصل السابق ، والتي تشير بمجموعها إلى مدلول واحد ، قواسم مشتركة تمثّل ذلك المضمون الموحّد الذي سيقت من أجل الوفاء به.
ومن الطبيعي أن نجد مثل هذه الإختلافات اللفظية في روايات موحَّدة المضمون ضمن الأحاديث الصادرة عن رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، فمن المعلوم أنّ هذه الاختلافات ، وخصوصاً في مثل هذا المورد الحسّاس الذى نحن فيه ، يقود في الغالب إلى احتمال ايراد رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) لهذا المضمون النهائي الموحَّد بألفاظ متعددة ، ومواطن مختلفة ، ومناسبات شتى ، من باب تكريس الفكرة وتأكيدها ، وتوطيد محتواها في نفوس المسلمين.
كما أنَّ من الإحتمالات القائمة في مثل هذا المورد أن يكون أحد الرواة قد سمع جزءاً من الحديث ، وسمع راوٍ ثانٍ طرفاً آخر منه.. وهكذا.
واذا ما نظرنا إلى مضمون حديث (الخلفاء الاثني عشر) من حيث الأهميَّة ، وإلى قوالبه وصياغاته اللفظيّة المتعددة من حيث التنوّع والإختلاف نظرة فاحصة متأنّية ؛ لوصلنا من دون ريب إلى اليقين الكامل بأنّ هذا الحديث قد تكرر في مواطن متعددة ، ومناسبات متفاوتة ، فقد روي الحديث في مصادر (مدرسة الصَّحابة) في ما لا يقلّ عن الخمس عشرة صحابياً كما أشرنا سابقاً ، وقد اكتنف الحديث من خلال النقل المكثّف ، وذكر الخصوصيّات والقيود والإضافات المتعددة لا تنسجم إلّا مع القول بالتكرار ، والتعدّد من باب الترسيخ والتأكيد.