وبهذا تكون الفلسفة الإمامية قد حققت قفزة نوعية علىٰ مستوىٰ الإدراك الفلسفي بتطوير هذه الفلسفة وجمعها بين نمطين كان إلىٰ زمن بعيد منفصلين وهما المعرفة بالذوق والمشاهدة او ما تعارف عليها بالمعرفة العرفانية هي استعمال الذوق الروحي في الوصول الىٰ الحقائق كما هو ملاحظ عند محيي الدين ابن عربي بحيث يكتفي إلىٰ الذوق لا الاستدلال وأما الاستدلال العقلي كطريقة لتثبيت ما وصلت إليه الروح من معرفة فقد كان الملا صدرا المبدع الأكبر لهذه المدرسة وهذا ما غفل عنه المؤرخون ودارسوا العلوم الفلسفية الذين حسروا الفلسفة وانهوا تاريخها مع ابن رشد والذي لا يمثل إلّا حالة متقادمة من الفلسفة المشائية التي لم تأتي بجديد للفلسفة باستثناء شروحات ارسطو طاليس ولم تكن شيئاً مميزاً عكس ما كان مع الفلسفة الإمامية.
وعلى كل حال فإن التاريخ العلمي للشيعة
لم يقف عند حد اللغة والنحو وعلم الكلام والفلسفة بل تعداه إلىٰ مختلف ضروب المعرفة فكانوا علىٰ طول التاريخ من المساهمين في بناء الصرح المعرفي للثقافة الإسلامية وكانت دوافع الرغبة الدينية هي التي تدفع بالشيعة للدخول في هذا المضمار من أجل ايضاح الوجه الحقيقي للإسلام لا يثنيهم عن ذلك ظلم الطغمة السياسية الحاكمة بل كان الهم المعرفي هو الدافع الاسمي لهم رغم تجاهل المؤرخ والذي هو في أصله الناطق الرسمي باسم السلطان ، والذي ترك أثره في بعض المتعاطين للتاريخ فحاولوا تحجيم البعد العلمي والمعرفي للشيعة وحصره في حركة