وأما الأحداث التي أحدثت تغييراً كبيراً في حركة التاريخ الإسلامي ، وبالضبط المواقف المرتبطة بالأشخاص فإنه يقوم بتضعيفها أو تقييدها بوجهة نظر سلفية انطلاقاً من النظرة المقدسة التي يحملها عن ذلك التاريخ الملغوم ، فنجده مثلاً يقول :
« ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلىٰ الفجور ، والتواطئ علىٰ معاندة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومضادتهم في حكمه ونصه ، ومن وصل من الناس إلىٰ هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام وكفر بإجماع الأئمة الاعلام ، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام » (١).
هذا القول يرتبط بحديث الغدير وبيعة الامام علي عليهالسلام ، فابن كثير لم يكلف نفسه أن يتتبع الحدث التاريخي مصداقيته التاريخية ، علماً أنه مؤمن بصحة الحديث ، لكنه لا يريد إيصاله إلىٰ الهدف الذي رسمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن هذا في نظره يمس مكانة أولئك الاشخاص المحيطين به صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكما قلنا سابقاً أن هؤلاء الأشخاص ماهم إلّا بشر خاضعين لموضوع الرسالة ولثنائية الجنة والنار ، وكان المنافقون ومن تلهيهم أموالهم عن الجهاد في سبيل الله لهم نشاطهم السلبي في عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فكيف وهو غائب عنهم.
وهذه المثالية السلفية والمتطرفة لم تقف عند هذا الحد بل جعل من
______________
(١) المصدر السابق : ٥ / ٢٢١.