استنجى فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي » (١).
وفي الصحيح عن حريز قال : حدّثني زيد الشحّام وزرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « إن سال من ذكرك شيء من مذي أو وذي فلا تغسله إلى أن قال : كلّ شيء خرج منك بعد الوضوء فإنّه من الحبائل » (٢).
وما رواه الكليني في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن العلاء عن أبي يعفور قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل بال ثمّ توضّأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا؟ قال : لا يتوضّأ إنّما ذلك من الحبائل » (٣).
والخبران الأخيران وإن كانا خاليين من ذكر الاستبراء فيمكن أن يقيّد إطلاقهما بالأخبار الاوّل. ولو بقيا على ظاهرهما فأولى بالدلالة على المطلوب. هذا. والحكم المذكور موافق لأصالة البراءة ، فلا مجال للتوقّف فيه. وقد ورد حديث يدلّ بظاهره على خلاف ذلك ، وطريقه ليس بنقيّ. وسيأتي الكلام عليه وعلى الحكم الآخر في بحث الوضوء إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الفائدة المذكورة للاستبراء في الذكر يتأتّى في الانثى على القول باستحباب الاستبراء لها.
وأمّا على القول باختصاصه بالذكر فقال بعض المتأخّرين : أنّه يحتمل قويّا الحكم بطهارة الخارج المشتبه منها ، وعدم ترتّب أثر عليه وإن لم يستبر. وهو متّجه ؛ لأنّ الحكم بالنجاسة وترتّب الأثر منوط بالبول. ومع الاشتباه لا يعلم أنّه بول فلا مخرج في حكمه عمّا يقتضيه الأصل.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٠ ، الحديث ٥٠.
(٢) الكافي ٣ : ٣٩ ، الحديث ١.
(٣) الكافي ٣ : ١٩ ، الحديث ٢.