وعن أبي الحمراء قال ، قال رسول الله : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. (١)
قال البياضي : اسند ابن جبير إلى ابن عباس قول النبي : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى عيسى في سمته ، وإلى محمّد في تمامه ، فلينظر إلى هذا الرّجل ، فتطاولت الاعناق وإذا هم بعلي. (٢)
فقد شبهه رسول الله بآدم في علمه ، لأن الله علم آدم الأسماء : « وعلم آدم الاسماء كلها » فما من شـيء ولا حادثه ولا واقعه إلا وعند علي فيها علم وله في استنباط معناها فهم ، وقد خلق الله آدم من تراب وسـمى النبي علـيّاً أبا تراب ، وشبهه بنوح في فهمه وحكمته ، لان نوحاً صبر مع قومه وقال : ( اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون ) ، وهذا ما قاله الإمام علي كذلك : « فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى » ، وان نوحاً لم يدعوا على قومه إلّا بعد علمه باصرارهم على العدوان فقال : ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) فقال عليهالسلام ما يقارب كلام نوح بقوله : اللهم ان الناس قد مللتهم وملوني وسأمتهم وسأموني اللّهم أبدلهم مني شر بدل وأبدلني منهم خير بدل.
وشبهه صلىاللهعليهوآله بإبراهيم في حكمته ، لأن الله لقن إبراهيم الحجة وهو صغير حتى خرج وناظر أباه وقومه كما في قوله تعالى ( يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ) (٣) وقوله : ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ ) (٤) وقوله :
_______________________________________
١. مناقب الخوارزمي : ٤٠ الفصل السابع ، ورواه الحاكم في شواهد التنزيل ١ : ٨٠.
٢. الصراط المستقيم ١ : ١٠٣.
٣. سورة مريم : ٤٣.
٤. سورة الصافات : ٨٥.