وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح به عِلَّة المبطلين ، وأزال التظني والشبهات في الغابرين ، كلا ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ).
فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله ، وصدقت ابنته ، أنتِ معدن الحكمة ، وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين وعين الحجة ، لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك ، هؤلاء المسلمون بيني وبينك ، قلدوني ما تقلدت ، وباتفاق منهم أخذتُ ، ما أخذتُ غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر ، وهم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمة عليها السلام إلى النّاس وقالت : معاشر الناس المسرعة إلى قيِل الباطل ، المُغضية على الفعل القبيح الخاسر ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ، كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأولتم ، وساء ما به أشرتم ، وشر ما منه اعتضتم ، لتجدن ـ والله ـ مَحمِلهُ ثقيلاً ، وغِبّهُ وبيلاً ، إذا كشف لكم الغطاء ، وبان ما وراءه الضراء ( وبدالكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون ) و ( خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ). (١)
النموذج الرابع :
تشكيك الصدّيق !! في توريث الصدّيقة واعتبار ما تقوله دعوى تحتاج إلى دليل ، مع علمه بأنّها المعنية في آية التطهير ، الصريحة بابتعادها عن الرجس والخيانة والكذب ، وهي التي قال عنها الصادق الأمين ـ الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ـ : إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ، ومعنى كلامه أنّ فاطمة معصومة عن الخطأ والهوى ، إذ لا يعقل أن يتعلق رضا الله تعالى
_______________________________________
١. الاحتجاج ١ : ١٤١ ـ ١٤٤ ، وعنه في البحار ٢٩ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.