إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) وقوله ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (٢) وغيرها.
فإنها عليهاالسلام جاءت لتؤنّبهم على تركهم العمل بالقرآن بقولها : خلفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون ؟ ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ) ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ). (٣)
ثمّ عرّجت الزهراء عليهاالسلام لتبيّن تلاعبهم بالأحكام الإلهية ، وكيف بهم يقولون أن لا إرث لها ، فعلى عَمدٍ تركوا كتاب الله ونبذوه وراء ظهورهم ، إذ يقول ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) إلى غيرها من عشرات المقاطع في هذه الخطبة التي تحمل بين جنباتها أعلى معاني الاحتجاج والتنظير.
إذا القوم كانوا يتصورون إمكان إطلاق لفظ الصدّيقية جزافاً على الأفراد ، أو إمكان إبدالها بأحاديث أُخرى مشابهة تخدم مصالحهم ، لكنّ البحث والتحقيق أوضحا لنا حقائق غير ما كانوا يرجونه.
فقد روى المدائني في كتاب الأحداث أن معاوية بن أبي سفيان أمر بوضع الحديث في فضائل عثمان ، ولما كثر الحديث في عثمان وفشا ، كتب إليهم :
|
فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس
إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلّا |
_______________________________________
١. البقرة : ١٢٤.
٢. السجدة : ٢٤.
٣. الاحتجاج ١ : ١٣٧ ، وانظر شرح النهج ١٦ : ٢٥١ ، وكشف الغمة ٢ : ١١٢.