من سمات البحث الموضوعي أن يتعامل المرء مع المفردات والمصطلحات بذهنيّة واقعية ، قد تجبره على تحقيق ذلك من خلال شواهد السيرة والتاريخ وأمثالها ، لا سيّما إذا واجه مفرداتٍ متعارضة أو متضاربة أو متضادّة لا يمكن الجمع بينها جمعاً تبرعياً ، كما لا يمكن توجيهها توجيهاً شرعياً أو عقليّاً متماسكا.
والمطالع في التاريخ الإسلامي والفقه والحديث يقف على مفردات متضاربة ، وفي بعض الأحيان متناقضة أو متضادة ، لا يدري كيف يتعامل معها أو يجمع بينها ؛ لأنّها تراكمات وصلتنا من عصور سابقة ، وقد استحكمت هذه الاشكالية عند البعض ، لأنّهم أرادوا أن يقدسوا اناساً لم يقدسهم الله ورسوله ، فجدّوا أن يجمعوا بين النهجين ( الصحابة وآل البيت ) ، فمن جهة تراهم يظهرون محبة آل الرسول ، ومن جهة أخرى لا يرتضون بيان ما جرى عليهم ، فيطالبون أتباع النهج الآخر بالاغماض عما فعله الآخرون ، بدعوى أنهم رجال ذهبوا ، لهم ما لهم ، وعليهم ما عليهم ، وما لنا والدخول فيما كانوا فيه ؟
وهذا التبرير قد يبدو وجيها في أول وهلة ، ولكنك بتأمّل بسيط تقف على سقمه ؛ وذلك لأن هؤلاء الرجال لم يكونوا أناساً عاديين في التاريخ حتى يقال : لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ، ويُرجَأُ الأمر إلى الله كي يحكم في أمرهم.