وبهذا يتّضح أنّ المقصود من جملة : ( عَلَى الْعَالَمِينَ ) في زمانهم لا في جميع الأزمنة ، لأن الزمن الأخير مختص برسول الله والصدّيقة الزهراء والإمام علي وأولادهم المعصومين الذين هم أفضل من أنبياء بني إسرائيل بلا شك.
وأما الجواب الحَلّي فنقول : إنّ الذي قال : فاطمة هي أفضل من مريم ، وأنها سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء أهل الجنة بما فيهم مريم ، هو الذي نزل عليه القرآن الذي فيه اصطفاء مريم ، ولو تأمّلت في كلام رسول الله وما قاله في بنته ، وما جاء فيها : من أن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ، لعرفت أن في هذه النصوص تصريحا لها بالعصمة والاصطفاء ، وأنّها تفوق في الفضل والمرتبة مريم بنت عمران.
عود على بدء :
والآن لنرجع لما نحن فيه كي نرى هؤلاء الأربعة ( علي ، فاطمة ، أبو بكر ، عائشة ) أيهما هو الأحق في الاتصاف بصفة الصدّيقية ؟ ومن منهم يتّصف بالعصمة وله سمات ومواصفات هذا اللقب ؟
من المعلوم الذي لا خلاف فيه بأنّ أحداً من المسلمين لم يدّعِ العصمة لأبي بكر ولا لعمر ولا لعائشة ، ولم يدّعوا هم لأنفسهم ذلك ، بعكس الأمر بالنسبة الى فاطمة والإمام علي عليهالسلام ، فقد جزما بذلك لأنفسهما كما جزم كثير من المسلمين لهم بذلك ، ونزل فيهم الذكر الحكيم كآية التطهير وأمثالها الدالة على ذلك ، وقد قال النبي فيهما ما يدل على عصمتهما بلا ريب ، وهذا يكفي في ترجيح كون لقب الصدّيقة لفاطمة لا لعائشة ، والصدّيق لعلي بن أبي طالب عليهالسلام لا لأبي بكر.
ولنقايس الآن بين أبي بكر ويوسف الصدّيق
، كي نعرف معيار الصدّيقية