الكون معهم بأجسامهم ، بل المعنى لزوم طرائقهم ومتابعتهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم ، ومعلوم أن الله تعالى لا يأمر عموماً بمتابعة من يعلم صدور الفسق والمعاصي عنه مع نهيه عنها ، فلا بد من أن يكونوا معصومين لا يخطأون في شيء حتى يجب متابعتهم في جميع الأمور ، وأيضاً لا يختص بزمان دون زمان ، فلا بد من وجود معصوم من الصادقين في كلّ زمان ليصح أمر مؤمن كل زمان بمتابعتهم. (١)
قال الشاعر :
إذا كذبت أسماءُ قومٍ عليهم |
|
فإِسمكَ صدّيقٌ له شاهدٌ عدلُ |
بعد كل هذا ، لك أن تحكم من هو الصديق ؟ ومن هي الصديقة ؟
الثاني : العصمة
إنّ صفة الصدّيقيّة تعني بأن الشخص قد بلغ مرتبة الكمال والعصمة لأنه اختير وانتجب من قبل الله ، وهي أسمى من الصادقية ، فالصدق يرجع إلى الفرد ، أما الصدّيق فيرجع إلى الباري تعالى ، والمعصوم ليس صادقاً وحسب بل هو صدّيقٌ ، وليس طاهراً فحسب بل هو مطهَر ، فالذي يُصطفى من العباد من قبل الله ويُجتبى يجب أن يكون مسدّداً في قوله وفعله ، كما هو الملاحظ في السيدة مريم بنت عمران سلام الله عليها لقوله تعالى : ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ). (٢)
وقال سبحانه وتعالى عنها : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ
_______________________________________
١. كشف المراد : ٢٢٢.
٢. المائدة : ٧٥.