واحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به.
فكان شبهه به عليهالسلام لعلمه بالكتاب طفلاً ولم يبلغ مبلغ الرجال فقال سبحانه ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ) وكان عبداً مطيعاً لله كعيسى حيث قال : ( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ ).
إلى غيرها من عشرات الصفات التي كان يشبه بها آدم وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ونوحاً ، ويحيى ، وأيوب ، ويوسف ، وسليمان ، وداود. (١)
وفي بصائر الدرجات عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : كانت في علي سنّة ألف نبي.(٢)
السابع : الثبات على القيم والتفاني فيها
إن من أهم صفات العبودية لله هو التفاني في ذات الله وكمال الطاعة للرسول الأمين ، والسعي لنشر الدعوة بالمال والنفس ، فالمصدِّق هو الذي يُصدق بما آمن به عملاً ويجسّمه في واقع حياته عبر أقواله وأفعاله. والصدّيق هو من كان في أعلى مراتب هذا التفاني ، لا أن يُقدِّمَ المصلحة على القيم كما هو المشاهد في سيرة أبي بكر.
جاء عن الإمام علي عليهالسلام أنه قال يوم صفين : ولقد كُنا مع رسول الله نقتلُ آباءنا وأبناءنا ، وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلّا إيمانا وتسليماً ، ومضيّاً على اللّقم ، (٢) وصبراً على مضض الألم ، وجِدّا في جهاد العدو.
ولقد كان الرَّجلُ منّا والآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما ، أيهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرّة لنا من عدوّنا ، ومرّة لعدوّنا منا ، فلمّا
_______________________________________
١. انظر في ذلك مناقب آل أبي طالب ٣ : ٢٤١ ـ ٢٦٦ وكتاب : قادتنا ١ : ٢٧١ ـ ٣٤٤.
٢. بصائر الدرجات : ١٣٤.
٣. اللّقم : معظم الطريق أو جادته.