رأى الله صدقنا أنزل بعدوِّنا الكبت ، وأنزل علينا النّصر ، حتى استقر الإسلامُ مُلقياً جرانه ، (١) ومتبوئاً أوطانه ، ولعمري لو كنّا نأتي ما أتيتم ، ما قام للدّين عمود ، ولا اخضرَّ للإيمان عود ، وأيمُ الله لتحتلبنّها دماً ، ولتتبعنها ندماً. (٢)
وعنه عليهالسلام أنه قال : فدعاني رسول الله ، فقال : إنّ قريشاً دبرت كيت وكيت في قتلي ، فنم على فراشي حتى أخرج أنا من مكة فقد أمرني الله تعالى بذلك.
فقلت له : السمع والطاعة ، فنمت على فراشه ، وفتح رسول الله الباب وخرج عليهم وهم جميعاً جلوس ، ينتظرون الفجر وهو يقول : ( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) ومضى وهم لا يرونه ) (٣) ... إلى آخر الخبر.
وقال عليهالسلام : ولقد عَلِم المستحفظون من أصحاب محمد أني لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعةً قطّ ، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال وتتأخر فيها الأقدام ، نجدةً أكرمني الله بها. (٤)
ومن كلام له عليهالسلام لرأس اليهود : لقد كنتُ عاهدتُ الله ورسولهُ أنا وعمّي حمزة وأخي جعفر وابن عمّي عبيدة على أمرٍ وَفَينا به لله ولرسوله ، فتقدّمني أصحابي وتخلّفتُ بعدهم لمِا أراد الله عزوجل ، فأنزل الله فينا : ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ).
_______________________________________
١. جران البعير : مقدّم عنقه من مذبحه إلى منحره ، وإلقاء الجران كناية عن التمكن.
٢. نهج البلاغة ١ : ١٠٤٢ / ٥٦ ، إرشاد المفيد ١ : ٢٦٨ ، وانظر كتاب سليم بن قيس : ٢٤٧ ، شرح النهج ٤ : ٣٣.
٣. الخرائج والجرائح ١ : ١٤٣ ح ٢٣١ ، الاختصاص للمفيد : ١٤٦.
٤. نهج البلاغة ٢ : ١٧١ / ١٩٧ ، عيون الحكم والمواعظ : ٥٠٦ ، ينابيع المودة ١ : ٢٦٥ / ١٩ ، بحار الأنوار ٣٨ : ٣١٩ / ٣٢.