مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ ) (١) وتقول متهكـمـة لـرسـول الله : والله ما أرى ربّـك إلا يسـارع لك في هـواك. (٢)
وهل حقا أن رسـول الله كان يتّبع هواه أو أنّ الباري سبحانه كان يسارع للنبي في هـواه !! ألم يكن في كلامها ازدراء بالرسول والرسالة ، وهل هذه هي المعرفة الحقّة المرجوّة من الصدّيقة ؟! بل هل أن رب محمد يختلف عن رب عائشـة حتى تخاطبه وتقول : ما أرى ربّك إلّا يسـارع لك في هواك.
وهل الصدّيقة يؤثر فيها الهوى وتغلب عليها غيرة النساء ، فتكتم الحق وتخبر بغير الصدق ؟!
إن النبي صلىاللهعليهوآله أرسل عائشة لتنظر إلى امرأة أراد أن يخطبها ، فذهبت ثم رجعت فقال صلىاللهعليهوآله ما رأيتِ ؟
قالت : ما رأيتُ طائلاً.
قال لها رسول الله : لقد رأيتِ خالاً بخدها اقشعرت منه ذؤابتك.
فقالت : ما دونك سر ، ومن يستطيع أن يكتمك. (٣)
كانت هذه صورة إجمالية عن الصدّيقة عائشة ، وأراها كافية في رسم شخصيتها والوقوف على التمايز بينها وبين فاطمة الزهراء أو خديجة الكبرى. وقد يكون في الخبر الآتي ما يجسم نفسية عائشة والفرق بينها وبين فاطمة وخديجة :
_______________________________________
١. الأحزاب : ٥١.
٢. صحيح مسلم ٥ : ١٧٤ ، كتاب الرضاع ، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها ، صحيح البخاري ٦ : ٢٤ ، كتاب التفسير ، تفسير سورة الأحزاب ، وفي كتاب النكاح ، باب هل للمرأة أن تهب نفسها ٦ : ١٢٨ ، تفسير الطبري ٢٢ : ٣٣ ، تفسير ابن كثير ٣ : ٥٠٨.
٣. تاريخ بغداد ١ : ٣١٧ ، تاريخ دمشق ٥١ : ٣٦ ، ذكر أخبار إصفهان ٢ : ١٨٨ ، كنز العمال ١٢ : ٤١٨ ح ٣٥٤٦٠ ، وانظر طبقات ابن سعد ٨ : ١٦١ ، سبل الهدى والرشاد ١١ : ٢٣٥.