|
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ، وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنّهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث ، فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر الصديقُ يصيح في نواحي مكَّة ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) ، فقال ناس من قريش لأبي بكر : فذلك بيننا وبينكم ، زعم صاحبك أنّ الروم ستغلب فارس في بضع سنين ، أفلا نراهنك على ذلك ؟ قال : بلى ، وذلك قبل تحريم الرِّهان ، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرِّهان ، وقالوا لأبي بكر : كم تجعل البضع ؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين ، فسمِّ بيننا وبينك وسطاً تنتهي إليه ، قال : فسمُّوا بينهم ست سنين ، قال : فمضت الستّ سنين قبل أن يظهروا ، فأخذ المشركون رهن أبي بكر ، فلمّا دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنينَ ، قال : لأن الله تعالى قال : « في بضع سنين ». (١) |
وقد ورد في حديث آخر عن ابن عباس ، قال : قال النبي : « ألّا احتطت يا أبا بكر فإنّ البضعَ ما بين ثلاثٍ إلى تسع ». (٢)
إذن ، أبو بكر فسر كلمة قرآنية عربية محدّدة المعنى وبتَّ جازماً بأنها ست سنوات خلافاً لإرادة رب العالمين ، ولأجل ذلك قال له رسول الله : ألا احتطت يا أبا بكر فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع !
وأمّا يوسف الصديق ، فإنه عبّر رؤيا رآها عزيز مصر فجاءت مطابقة للواقع ، وهذا هو الفرق الذي لا ينبغي تناسيه بين الصدّيقين. فالقرآن وفق هذه المعطيات يرفض رفضاً باتاً أن يكون أبو بكر صديقاً ، في حين يجزم بلا شك أن
_______________________________________
١. سنن الترمذي ٥ : ٢٥ / ٣٢٤٦٥.
٢. سنن الترمذي ٥ : ٢٤ / ٣٢٤٥.