دور وكون آخر. فكونه نهاية ، دليل على أنه بداية ، فلا تنافي بين الروايات بوجه ، والله العالم.
تنبيه :
لمّا جرى ذكر التاريخ ، فلنذكر طرفاً من أحكامه ممّا ذكره أهل العربيّة فنقول : قال ابن مالك في (التسهيل) : (يؤرّخ بالليالي لسبقها ، فيقال أوّل الشهر : كتب لأوّل ليلة منه أو لغرّته أو مهلّة أو مستهلّه).
وقال الدماميني في شرحه : (اللام في (لأول) أو (لغرته) ؛ إمّا بمعنى (في) أو بمعنى (عند) ، قاله أبو الفتح.
وقال الرضيّ : (هذه هي اللام المفيدة للاختصاص ، والاختصاص على ثلاثة أضرب : إمّا أنه يختصّ الفعل بالزمان لوقوعه فيه نحو : كتب لغرّة كذا ، أو يختصّ به لوقوعه بعده نحو (لخمس خلون) ، أو يختص به لوقوعه قبله نحو (لليلة بقيت). فمع الإطلاق يكون الاختصاص لوقوعه فيه ، ومع قرينة نحو (خلت) ، لوقوعه بعده ، ومع قرينة نحو (بقيت) ، لوقوعه قبله) (١)).
ثمّ قال الدماميني بعد قوله : (أو لغرّته ، أي غرّة الشهر) ـ : (وهذا يقتضي أن الغرّة مختصّة بالليلة الأُولى منه. ويؤيّده قول الجوهري : (غرّة كلّ شيء : أوّله) ، لكنه قال بأثر هذا : (والغرّة : ثلاث ليالٍ من أوّل الشهر) (٢).
وكذا قال غيره من أهل اللغة ، وهو صريح في عدم اختصاص الغرّة بالليلة الأُولى كما هو ظاهر كلام المصنّف. فالتاريخ بها إنّما يكون إذا لم يرد التحديد والتعيين ، بل أُريد الإعلام بأنّ ذلك الشيء وقع في بعض هذه الليالي كما تقول : كان ذلك في أوائل الشهر ، وأمّا إن أردت التعيين ، فلا سبيل إلى ذلك.
__________________
(١) شرح الرضيّ على الكافية ٣ : ٣١٢ ٣١٣.
(٢) الصحاح ٢ : ٧٦٨ غرر. وفيه : (الغرر) بدل : (الغرة).