ثمّ قال : (والأولى جواز العطف ؛ لوروده في القرآن الشريف ، كقوله تعالى (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) بالجر في قراءة حمزة) (١).
فانظر أيّ القولين منه أصوب ، وهذا منه مع إمامته في فنّه سهو ، فسبحان عاصم أوليائه.
هذا مع أن هذه كلّها تعليلات في مقابلة الورود ، والتعليل مع صحّته لا يقبل إلّا في تقرير الوارد وتوجيهه ، فكيف مع الفساد ومقابلة الوارد به.
رجعنا إلى ما هو المقصود من تقرير وجوب جر الآل من صلىاللهعليهوآله ، فنقول : أما جره فواضح ممّا قررناه ، وأما نصبه فهو إما بالعطف على محلّ الضمير ، أو على المعية ، أو بإضمار فعل متعدّ ، والجميع باطل لا يصحّ.
بطلان القول بنصب «آله» عطفاً على المحل وشروط العطف عليه
أمّا الأوّل ، فلأنهم أجمعوا على أن للعطف على المحل ثلاثة شروط عدا ابن جني ، فإنه خالف في واحد فلم يلتزمه. قال ابن هشام في (مغني اللبيب) : وللعطف على المحل عند المحقّقين شروط :
أحدها : إمكان ظهور ذلك المحل في الفصيح ، ألا ترى أنه يجوز في نحو : ما زيد بقائم ولا قاعداً ، بالنصب أن تسقط الباء ، فتنصب (قائماً) ، وعلى هذا فلا يجوز مررت بزيد وعمراً ، بالنصب خلافاً لابن جنّيّ ؛ لأنه لا يجوّز مررت زيداً؟
ولا تختص مراعاة الموضع بأن يكون العامل في اللفظ زائداً ، كما مثلنا ؛ بدليل قوله :
فان لَمْ تجدْ مِنْ دونِ عدنانَ والداً |
|
ودونَ معدّ فلتزعك العواذل (٢) |
الثاني : أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز : هذا ضارب زيداً وأخيه ؛ لأن
__________________
(١) شرح الرضيّ على الكافية ١ : ٥٢٢ ، وفيه : (وقال الأندلسيّ : يجوز العطف على ضعف إن لم يقصد النصّ على المصاحبة ، وهو أولى) بدل : (والأولى جواز العطف).
(٢) البيت للبيد بن ربيعة. ديوان لبيد بن ربيعة (ضمن ديوان الفروسيّة) : ٢٠٤.